مِن الثابتِ أنّ الطَّاقةَ التي تنتِجُها عملياتُ التحليلِ اليخضوريِّ تساوي عشرةَ أضعافِ الطاقةِ التي يستهلِكُها الإنسانُ في العالَمِ كلِّه كلَّ عامٍ، فأوراقُ شجرةٍ واحدةٍ متوسطةِ العُمُرِ تصنعُ في الساعةِ الواحدةِ كيلو غراماً من الموادِ الغذائيةِ، ويتحوَّلُ هذا الناتجُ الغذائيُّ في أثناءِ الليلِ إلى سكرٍ يغذِّي النباتَ، أو يخزَّن على شكلِ نشاءٍ احتياطيٍّ في النباتِ، قال الله تعالى:{الذي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشجر الأخضر نَاراً فَإِذَآ أَنتُم مِّنْه تُوقِدُونَ}[يس: ٨٠] .
وكلمةُ {الأخضر} تفيدُ اليخضورَ؛ لأنّ هذه الورقةَ في كلِّ شجرةٍ معملٌ عظيمٌ، يؤدِّي عملاً جباراً لا يستطيعُ الإنسانُ تصوُّرَهُ.
[البذور وأنواعها]
إنّ اللهَ سبحانه جَلَّتْ حكمتُه جَعَلَ البذرةَ أساساً لحياةِ النباتِ، وجعلَ البذْرةَ أساساً لتكاثُرِها، ففي البذرةِ عالَمٌ كبيرٌ، لو اطَّلَعْنا عليه لخَشَعَتْ قلوبُنا.
إنّ البذرةَ يتبايَنُ حجمُها مِن جوْزةِ الهندِ الكبيرةِ، التي هي بذرةٌ إلى بذارٍ يزيدُ عددُ ما في الغرامِ منها على سبعينَ ألفَ بذرةٍ! إنها كالغبارِ، ولكنّ القاسِمَ المشتركَ بين كلّ البذورِ أنّ في كلّ بذرةٍ كائناً حيّاً، إنّه الرُّشَيمُ، ولهذا الكائنِ الحيِّ غذاءٌ مدروسٌ، ومحدودٌ، وموزونٌ، فإنْ شئتَ أن تعرفَ شيئاً عنه فائْتِ بِبَعضِ حبّاتِ الفاصولياءِ أو الحِمِّصِ، وضَعْهَا على قُطنٍ مُبَلَّلٍ، وانظرْ كيف أنّ هذا الرُّشيمَ الحيَّ ينمو إلى سُوَيقٍ، وإلى جُذَيرٍ، وحجمُ الحِمِّصِ يكفي لِتَغذيةِ هذا الرُّشيمِ إلى أنْ يصبحَ الجذرُ قادراً على امتصاصِ الغذاءِ مِن التربةِ.