هذه الحقائقُ مبسطةٌ تبسيطاً أوَّلياً، لكنَّ الأمطارَ أَعْقَدُ مِن هذا بكثير، ولكن مِن أجل تقريبِ الحقيقةِ، هذه الخاصيَّةُ التي أَوْدَعَها اللهُ في الماءِ، وتلك الخاصيَّةُ التي أَوْدَعَها اللهُ في الهواءِ وهذه العلاقةُ بينهما، وهذه المساحاتُ الكبيرةُ من الماءِ التي تشغلها المحيطاتُ، وتلك أشعةُ الشمسِ التي تبخِّرُ الماءَ، وهذه الرياحُ التي تنشأُ مِن تفاوتِ درجاتِ الحرارةِ، تسوقُ السُّحبَ إلى أرضٍ عطشى، فتحيِيها بعدَ موتِها، هذه آيةٌ من آياتِ اللهِ سبحانه وتعالى، ونعمةٌ من نِعمه، {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ الله لاَ تُحْصُوهَا}[إبراهيم: ٣٤] .
هذه الآيةُ لا تتَّسِعُ المجلّداتُ لِتَفسيرها، ولكنْ نأخذُ جانباً يسيراً منها.
إنّ الماءَ الذي جَعلَهُ اللهُ سبحانه وتعالى أساسَ الحياةِ، مِن العلماءِ مِن يقول فيه:"إنّ خصيصيةً صغيرةً للماءِ، لو أنّها فُقِدَتْ لانتَهتِ الحياةُ على سطحِ الأرضِ"، فما هذه الخصيصةُ؟ هي أنّ الماءَ إذا برَّدْتهُ ينكمشُ، شأنهُ في ذلك كشأنِ كلّ العناصرِ التي على وجهِ الأرضِ، (الغازات، والسوائل، والأجسامِ الصلبةِ، فالعناصرُ كلمةٌ تجمعُ الغازاتِ، والسوائلَ، والأجسام الصلَبةَ، حيث إنّ كلّ العناصرِ التي خَلَقَها اللهُ سبحانه وتعالى تتمدّدُ بالحرارةِ، وتنكمشُ بالبرودةِ، والماءُ منها، فإذا أردتَ أنْ تبرّدَ الماءَ، وكان في درجةِ الغليانِ وراقبَتَ حجْمَه بأجهزةٍ حسّاسةٍ فإنّه ينْكمشُ، فإذا انخفضَتِ الدرجةُ مِن مئةٍ إلى ستّين، إلى أربعين، إلى ثلاثين، إلى عشرين، إلى عشرٍ، إلى خمسٍ، فإذا وصَلَ الماءُ إلى زائد أربع درجات؛ عندئذٍ تنعكسُ القاعدة، فيزدادُ حجمهُ ويتمدّدُ.