لذلك مِن آياتِ اللهِ سبحانه وتعالى في خَلْقِهِ هذا القلبُ، الذي قالَ عنه النبي عليه الصلاة والسلامِ:"أَلا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلا وَهِيَ الْقَلْبُ".
[جهاز الدوران في الجسم]
إنّ آياتِ اللهِ في الكونِ، وآياتِ اللهِ في النفسِ أوسعُ بابٍ ندخلُ منه على اللهِ، وأقصرُ طريقٍ إليهِ، لأنّ هذه الآياتِ تضعُكَ أمامَ عظمةِ اللهِ عز وجل، قال تعالى:{وفي أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ}[الذاريات: ٢١] .
مِن آياتِ اللهِ الدالةِ على عظمتِه نظامُ نقلِ الدمِ في الجسمِ، فالكائنُ الحيُّ بحاجةٍ إلى الغذاءِ من أجلِ نشاطاتِه الحيويةِ، ومن أجلِ ترميمِ خلاياه التالفةِ، ونقلُ الغذاءِ من خارجِ الكائنِ الحيِّ إلى داخلهِ يتولاه جهازُ الهضم، ِ أمّا نقلُ ملخَّصِ جهازِ الهضمِ إلى كل خليةٍ في الجسمِ فهذا من مهامِّ جهازِ الدورانِ.
في الكائناتِ الراقيةِ المعقَّدةِ تعقيداً إعجازياً، ولا سيما الإنسانُ، هذا النقلُ يتمُّ في دارةٍ مغلقةٍ، فجهازُ الدورانِ دارةٌ مغلقةٌ، ومن أجلِ أن يسريَ الدمُ في الأوعيةِ لا بد من مضخةٍ تدفعُه في هذه الأوعيةِ، ولا بد لهذه المضخّةِ من دفعٍ، ومن سحبٍ.
جهازُ الأوعيةِ عبارةٌ عن شرايينَ، وشرايينَ فرعيةٍ، وأوعيةٍ، وأوعيةٍ فرعيةٍ، وأوعيةٍ شعريةٍ، وأوعيةٍ شعريةٍ دقيقةٍ جداً، تغطِّي كلَّ مساحاتِ الجسمِ، ثمّ هذه الأوعيةُ الشعريةُ الدقيقةُ جداً تتَّصلُ بأوعيةٍ شعريةٍ وريديةٍ، وتعودُ إلى وريدٍ صغيرٍ، فأكبرَ فأكْبرَ إلى القلبِ.