ويحثُّ هرمونُ الخلايا التي تحتَ الجلدِ إلى إفرازِ المادةِ الملوِّنةِ للإنسانِ، من أبيضَ، وأسمرَ، وحِنْطِيّ، وملوَّنٍ، فهذا من مسؤولياتِ الغدةِ النخاميةِ التي لا يزيدُ وزنُها على نصفِ غرامٍ.
وهناك هرمونٌ يحقِّقُ توازنَ السوائلِ في الجسم، فلو اختلَّ هذا الهرمونُ لكانتْ حياةُ الإنسانِ شقيةً، ولوجبَ عليه أن يبقى إلى جانبِ الصنبورِ والحمَّامِ ليُمضيَ كلَّ وقتِه في الشُّربِ، وإفرازِ الماءِ.
وهناك هرمونُ المخاضِ، الذي تفرزُه الغدّةُ النخاميّةُ، حيث إنّ المخاضَ عمليةٌ معقّدةٌ، ففيها توسيعُ الحوضِ، وفيها تقلُّصُ عضلاتِ الرحمِ، فيأتي هذا الهرمونُ مبرمَجاً، لتناسِبَ كلُّ حركةٍ وضعاً معيَّناً، {ثُمَّ السبيل يَسَّرَهُ}[عبس: ٢٠] .
وهناك هرموناتُ كثيرةٌ تفرزُها هذه الغدّةُ النخاميّةُ، وعلى الرغمِ من ذلك فإنّ الإنسانَ ضعيفٌ، كما وصفه خالقُه سبحانه بقولِه:{وَخُلِقَ الإنسان ضَعِيفاً}{النساء: ٢٨] .
هذا هو الإنسانُ، هذه غدةٌ صغيرةٌ في دماغِه، سمّاها العلماءُ مَلِكةَ الغددِ، إنّها الغدةُ النخاميةُ، وزنُها نصفُ غرامٍ، تفرزُ تسْعَ هرموناتٍ أساسيةٍ في حياةِ الإنسانِ، لو اختلتْ هذه الغدّةُ، أو اختلّ إفرازُ هرموناتِها لكانت حياةُ الإنسانِ جحيماً لا يطاقُ.
{أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النجدين * فَلاَ اقتحم العقبة * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا العقبة * فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد: ٨-١٣] ، فلَيْتَه يفكُّ رقبتَه من شهواتِ الدنيا كي يصلَ إلى اللهِ؛ لأنّ الشهواتِ حجابٌ بينه وبينَ اللهِ.
لا يزالُ موضوعُ الهرموناتِ موضوعاً معقَّداً، بالغَ الأهميةِ، فحينما يستيقظُ الإنسانُ، ويتحرَّكُ، ويمارسُ نشاطَه فإنه لا يعرفُ مدى التَّعْقيدِ، ومدى الدِّقَّةِ في خلْقِه، وحركةِ أعضائهِ وأجهزتِه، فليشكرِ اللهَ جل جلالُه على هذه النِّعمِ.