هذا المريءُ طولُه خمسون سنتيمتراً، وهو مزوَّدٌ بعضلاتٍ حلقيةٍ تتقلّصُ بالتدريجِ، فلو أنّ الإنسانَ كان مضطجعاً في مستشفى، وأعطيناه الطعامَ لسارَ سيراً طبيعيّاً، من أول المريءِ إلى المعدةِ، ولو أننا عَلَّقنَا إنساناً من رجليه، وأطعمناه لقمةً لذهبتْ نحوَ الأعلى على خلافِ الجاذبيةِ، لأن هذا المريءَ فيه عضلاتٌ دائريةٌ تتقلّصُ تباعاً، فتنقلُ اللقمةَ إلى المعدةِ، ولو كنتَ في أي اتجاهٍ.
المعدةُ لها فؤادٌ، وهو محكمُ الإغلاقِ، لئلا تخرجَ السوائلُ الحمضيةُ فتزعجك، وحينما يتقيأُ الإنسانُ يشعرُ بحرقةٍ لا تُحتمَلُ، إنها حمضُ كلورِ الماءِ الذي في المعدةِ، فلئلا يخرجَ هذا الحمضُ إلى المريءِ فيزعجَ الإنسانَ كان الفؤادُ محكمَ الإغلاقِ، فمن أجلِ أن تدخُلَه اللقمةُ لا بد من رفعِ ضغطِ دفعِ اللقمةِ في الفؤادِ أربعةَ أمثالِ الضغطِ في مكانٍ ثانٍ في المريءِ، وكلُّ هذا من أجلِ أنْ تأكلَ، وأن تشربَ، وأن تتنفسَ، وأن تنامَ، وأن تزدردَ اللعابَ في الليلِ، وأن ينتقلَ الطعامُ إلى المعدةِ، مَن رَتَّبَ هذا؟ مَن أتقنَ هذا؟
{لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}[التين: ٤] .
[لسان المزمار]
في جسمِ الإنسانِ شُرْطِي للمرورِ، يعملُ منذُ أنْ يتخلَّقَ الإنسانُ في بطنِ أمِّه، وحتى الموتِ، لا يَكَلُّ، ولا يسأمُ، ولا يتعبُ، يعملُ ليلاً نهاراً، في اليقظةِ، والمنامِ، إنه لسانُ المزمارِ.
طريقُ الهواءِ من الأنفِ إلى الرئتين عَبْرَ الرغامى، (القصبة الهوائية) ، وطريقُ الطعام من الفمِ إلى المعدةِ، عبر المريءِ، وهذان الطريقان يتقاطعان في منطقةٍ حرجةٍ هي البلعومُ.