فإذا قرأتُم القرآنَ الكريمَ لا تقرؤوه سرداً، توقَّفوا عند آياته، تأمَّلوا فيه، {أَلَمْ نَجْعَلِ الأرض مهادا} ، كيف هيَّأها لك؟ وهيَّأك لها؟ كيف جَعلَها بِحَجمٍ، وبِسُرعةٍ، وباستقرارٍ مع الهواءِ، والماءِ، والشّمسِ، والنباتِ، والحيوانِ، والتضاريسِ، والليلِ، والنهارِ، والحركةِ، والجاذبيّةِ، على نحْوٍ يوافق حاجاتك؟ وجعل لك قدَمَين، ويَدَيْنِ، وعينين، ورئتين، وأُذنين، وقوّةً مدركةً، وأخرى محاكِمةً، ولساناً طليقاً يتحدّثُ ويبيّنُ، وأذناً مصغيةً تدرِكُ بها ما عندَ الآخرِين.
القرآنُ كونٌ ناطقٌ، والكونُ قرآنٌ صامِتٌ، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم قرآنٌ يمشي، فتأمَّلْ في صُنْعِ الله عز وجل، مِن أجلِ أن تعرفَ اللهَ عز وجل من خلال كونه، قال تعالى:
{إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ العلماء}[فاطر: ٢٨] .
[سرعة الأرض]
في القرآنِ الكريمِ آيتانِ على سبيلِ الحصرِ تشيران إلى سرعةِ الأرضِ، الأُولى قولُه سبحانه:{أَمَّن جَعَلَ الأرض قَرَاراً وَجَعَلَ خِلاَلَهَآ أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ البحرين حَاجِزاً أإلاه مَّعَ الله بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}[النمل: ٦١] ، والثانيةُ قولُه تعالى:{الله الذي جَعَلَ لَكُمُ الأرض قَرَاراً والسمآء بِنَآءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِّنَ الطيبات ذَلِكُمُ الله رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ الله رَبُّ العالمين}[غافر: ٦٤] .