إنّه إذا اتَّفَقَ علماءُ الحياةِ البحريّةِ على أنّه ليس ثمَّةَ منطقٌ واضحٌ في تحرّكاتِ هذا السّمكِ الهلاميِّ، فإنّ علماءَ التوحيدِ يتَّفقون على أنّ هذا السّمكَ الهلاميَّ يتحرّكُ وَفْقَ خِطّةٍ واضحةٍ، وهدفٍ واضحٍ، رَسَمَهُ له ربُّه الذي خَلَقَهُ، إنّ هذا السّمكَ تحرّكَ نحو الشواطئ التي كثُرَ فيها الفسادُ، وربَنا عز وجل يقول:{ظَهَرَ الفساد فِي البر والبحر بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي الناس لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الذي عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}[الروم: ٤١] ، ويقولُ:{الله خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ}[الزمر: ٦٢] .
لا يُسمَحُ لهذا السّمكِ بالتحرّكِ إلا وَفْق مشيئةِ اللهِ، وخِطَّةٍ دقيقةٍ رَسَمَهَا له ربُّه الذي خَلَقَهُ، وما من إنسانٍ عاقلٍ يحرّكُ شيئاً من دونِ هدفٍ، فكيفَ بربّ العالمينَ؟ أيتحرّكُ هذا السمكُ نحو تلك الشواطئ بلا هدفٍ. قال تعالى:{مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَآ}[هود: ٥٦] ، وقال سبحانه:{مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأرض وَلاَ في أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كتاب مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ إِنَّ ذلك عَلَى الله يَسِيرٌ}[الحديد: ٢٢] ، إنّه جندٌ مِن جنودِ اللهِ، {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ}[المدثر: ٣١] ، وجنودُه كثيرةٌ.
وإنّ هذا السمكَ الهلاميَّ الذي غزا شواطئَ فرنسة، وإيطالية، واليونان، وجَعَلَها كالغابةِ من الثعابينِ، إنّ اللهَ سبحانه وتعالى حرَّكَها لحكمةٍ لا تخفى على أهلِ الإيمانِ.
[السمكة الطبيبة]
كان أحدُ علماءِ البحارِ يركبُ غوَّاصةَ أبحاثٍ تحتَ سطحِ البحرِ، لَفَتَ نظَرَه سمكةٌ كبيرةٌ خَرجتْ مِن سرْبِها، واتجهتْ إلى سمكةٍ صغيرةٍ، فتصوَّر - كما هي العادةُ - أنّ هذه السمكةَ الكبيرةَ توجَّهت إلى الصغيرة لتأكلَها، ولكنه وَجَدَ أنها وَقَفَتْ إلى جانبِها، وبدأتِ السمكةُ الصغيرةُ تأكلُ مِن حراشفِ الكبيرةِ، فسجَّلَ عنده هذه الظاهرةَ.