يستمرُّ عملُ هذه الكليةِ الحربيةِ (الغدة الصعتريةِ) من بدءِ الولادةِ، وحتى السنةِ الثالثةِ، وبَعْدَها تقومُ بتوريثِ علمِ مراقبةِ وضبطِ عملِ الكرياتِ البيضاءِ إلى الكرياتِ البيضاءِ الناجحةِ في الامتحانِ، والتي سُمِّيَتْ بعدَ التخرُّجِ الخلايا التائيةَ المثقفةَ، لتقومَ بدورِها في نقلِ هذا العلمِ على أجيالِ الكرياتِ البيضاءِ اللاحقةِ.
وفي السبعينيّاتِ من العمرِ يضعفُ تثقيفُ الكرياتِ البيضاءِ المقاتلةِ فتبدأُ بمهاجمةِ العناصرِ الصديقةِ، وبعض أجهزةِ الجسمِ وأعضائِه، فنرى في هذا العمرِ أمراضاً شائعةً؛ كالتهابِ المفاصلِ الرثويِّ، وبعضِ الاعتلالاتِ الكلويةِ، وأمراضِ المصلياتِ، وأمراضٍ أخرى ما كان سببُها إلا ضعفَ ثقافةِ الجهازِ المناعيِّ الذي يَنتُجُ عنه زوالُ الضبطِ في عملِ الخلايا المقاتلةِ (وهو خَرَفُ الجهازِ المناعيِّ) ، فتصبحُ الخلايا المناعيةُ المقاتلةُ تهاجمُ الجسمَ الذي شكَّلَها، وثَقَّفَها للدفاعِ عنه، وتكونُ حالةُ الجسمِ في ما يشبهُ الحربَ الأهليةَ، وقد يصدُق فيها حينئذٍ قول مَن قال:
هذه الغدةُ التي لا يلتفتُ الناسُ إليها، ويُظنُّ أنه لا فائدةَ منها، هي في الحقيقةِ مِن أخطرِ الغددِ في جسمِ الإنسانِ، إنها شبيهةٌ بالمدرسةِ الحربيةِ، أو الكُلِّيةِ العسكريةِ، من أجل تدريبِ العناصرِ المقاتِلةِ على معرفةِ الصديقِ والعدوِّ.
وكلما تقدَّمَ العلمُ اكتشفَ هذه الآياتِ الدالةَ على عظمةِ اللهِ عزّ وجلَّ.