هناك نعمةُ التفكيرِ، ونعمةُ التخيُّلِ، ونعمةُ التصوُّرِ، ونعمةُ المحاكمةِ، ونعمةُ التذكّرِ، ونعمةُ الإدراكِ، ونعمةُ الإحساسِ، ونعمةُ الانتباهِ، أي التركيز، ونعمةُ الاعتيادِ، أي التجاهل، هاتان نعمتان من فضلِ اللهِ علينا أودعَهُما فينا.
[المخيخ]
إنّه موضوعٌ قلَّما يخطرُ في بالِ إنسانٍ، موضوعُ المُخَيْخِ.
لو نظرتُم إلى المُخَيْخِ لرأيتُم كومةً من الخيوطِ، لا يزيدُ وزنُها على مئةٍ وخمسين غراماً، ولكنْ لها دورٌ خطيرٌ في حياتِنا، إلى درجةٍ تفوقُ حدَّ الخيالِ، وقد عَرَفَ العلماءُ وظيفتَه مِن خلالِ بعضِ التجارِبِ، فَسَمَّوْهُ مركزَ توافقِ وانسجامِ حركاتِ البَدَنِ، ولا يتدخّلُ المخيخُ في الأعمالِ الذهنيةِ، لأنّ هذا من اختصاصِ قشرةِ المخِّ.
لو أنّ المخَّ أعطى أمراً بإدارةِ قرصِ الهاتفِ، أو بفتحِ بابِ سيارة، مَن الذي يحدِّدُ مقدارَ الجهدِ الذي يحتاجُه هذا العملُ؟ إنه المخيخُ، كيف أنّ المهندسَ المعماريَّ يرسمُ البناءَ، وكيف أنّ المهندسَ المدنيَّ، يُجرِي الحساباتِ الدقيقةَ؛ حساباتِ الإسمنتِ، وحساباتِ الحديدِ، وقُطرِ الدعائمِ، كذلك المخيخُ جهازٌ معقدٌ جداً، يحسبُ للمخِّ الحساباتِ الدقيقةِ، لتنفيذِ الأعمالِ التي يأمرُ بها، فإنّ المخيخَ هو مركزُ توافقِ وانسجامِ حركاتِ البدنِ، فعندما تقفُ على قدميك فهذه نعمةٌ، وكثيرٌ مِنَ الناس لا يقدِّرونها.