اكتشفَ العلماءُ أنّ الجنينَ في بطنِ أمِّهِ يتوضّحُ عنده أماكنُ السمع والبصرِ في اليومِ الثاني والعشرين من تلقيحِ البيضة، وعند الولادةِ تكونُ الشبكيةُ مكتملةً، ويثبِّتُ الطفلُ عينيهِ على أيِّ مصدرٍ ضوئيٍّ، أيْ إنّ رؤيةَ الضوءِ موجودةٌ، لكنّ المطابقةَ عنده لا تعملُ، وبنهايةِ الشهرِ الثاني من العمرِ يتابعُ الطفلُ أيَّ جسمٍ يتحرَّكُ أمامهُ بعينيه، أمّا رؤيةُ الألوانِ فتكونُ بعدَ الشهرِ الرابعِ، وتصبحُ المطابقةُ عنده تامّةً بنهايةِ الشهر السادسِ، ولكنّه في الأسبوعِ السادسِ والعشرين، أي في الشهرِ السادسِ والنصفِ، وهو في الرحمِ يستمعُ إلى الأصواتِ، فيسمعُ دقّاتِ قلبِ الأمِّ، ويسمعُ حفيفَ المشيمةِ، وقرقرةَ الأمعاءِ، وقد أجرى بعضُ العلماءِ تجارِبَ، سجّلوا فيها أصواتَ ضرباتِ القلبِ، وحفيف المشيمةِ، وقرقرةِ الأمعاءِ، وأسمعوها للطّفلِ قبلَ الولادةِ، كان يبكي فسكَتَ! إذاً تنشأُ حاسّةُ السمعِ في الشهرِ السادسِ والنصفِ، ولا تنشأُ حاسّةُ البصرِ إلا بعد الشهرِ الثالثِ والرابعِ من الولادةِ، هذا الذي ذكرَهُ العلماءُ ذكرهُ اللهُ في سبعَ عشرة آيةً في كتابِ اللهِ تعالى، حيث قدّمَ اللهُ فيها السمعَ على البصرِ تقديمَ أهميّةٍ، وسبْقٍ في الخلْقِ، ولكنْ لماذا قدَّم اللهُ البصرَ على السمع في قولهِ:{رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فارجعنا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ}[السجدة: ١٢] ؟
قالَ العلماءُ:"لأنّ سرعةَ انتقالِ الصورةِ تزيدُ على سرعةِ انتقالِ الصوتِ، فالصورةُ تنتقلُ بسُرعةِ ثلاثمئةِ ألفِ كيلو مترٍ في الثانيةِ، أمّا الصوتُ فلا ينتقلُ إلا بسرعةِ ثلاثمئةٍ وثلاثين متراً في الثانيةِ".