حقيقة خطيرة جداً، وهي أنّ ربنا جل جلاله - تكريماً لهذا الإنسانِ، وتحقيقاً لسلامتِه، وصوناً له مِن العطبِ - جهَّزه بآلياتٍ بالغةِ التعقيدِ لِحفظِه مِنَ الأخطارِ.
فلو أنّ أَحَدَنا شاهدَ شيئاً مخيفاً - أفعى مثلاً - ماذا يحدث؟ تنطبعُ صورةُ الأفعى على شبكيةِ العينِ، وتحسُّ بها، وشبكيةُ العينِ تنقلُها إلى الدماغِ عبْرَ العصبِ البصريِّ، ليدركَ معنى هذه الصورةِ، بحسبِ المفاهيمِ المكتسبةِ، والدماغُ مَلِكُ الجهازِ العصبيِّ، يخاطبُ ملكةَ الجهازِ الهرموني (الغدةَ النخاميةَ) عن طريقِ ضابطِ اتصالٍ، هو الجسمُ تحتَ المهادِ، هذه الغدةُ النخاميةُ تتلقى أمراً مِنَ الدماغ بالتصرفِ مِن أجلِ السلامةِ، هي ملكةٌ، وعندها عناصرُ هرمونيةٌ فعّالةٌ، ترسلُ هذه الغدةُ النخاميةُ أمراً إلى الكظرِ بإفرازِ خمسةِ هرموناتٍ، الأولُ: يسرِّعُ القلبَ، والثاني: يزيدُ وجيبَ الرئتين، والثالثُ: يضيِّقُ الأوعيةَ، المحيطيةَ مِن أجلِ أن يذهبَ الدمُ إلى العضلاتِ، لا إلى الجلدِ، والرابعُ: يزيدُ سكرَ الدمِ، والخامسُ: يزيدُ هرمونَ التجلُّطِ، كلُّ هذا بفعلِ هرمونِ الأدرينالين الذي يفرزُه لبُّ الكَظرِ، كلُّ ما تقدَّم يحدثُ بسببِ تنبيهِ القسم الوُدِّي من الجهازِ العصبي الذاتي كما تقدّم.
إنّ الخائفَ يزدادُ نبضُ قلبِه، ويزدادُ وجيبُ رئتيه فيلهثُ، وتضيقُ لمعةُ أوعيتِه المحيطيةِ، فيصفرُّ لونُه، ولو فحصْتَ دمَه لوجدتَ نسبةَ السكرِ عاليةً، وكذلك نسبةُ عاملِ التجلُّطِ الذي يفرزه الكبدُ، سمُّ النيكوتين يفعلُ فعْلَ الأدرينالين نفسِه، فعند المدخِّن دائماً تسرعٌ في نبضِ قلبِه، وازديادٌ في وجيبِ رئتَيْه، وضيقٌ في الأوعيةِ المحيطيةِ، لذلك يبدو أصفرَ اللونِ، وفي دمِه زيادةٌ في هرمونِ التجلطِ، وارتفاعٌ في نسبةِ السكرِ في الدمِ، فهو معرَّضٌ أكثرَ مِن غيرِه بثمانية أضعافٍ للجلطةِ في الدمِ، هذه حقيقةٌ مسلَّمٌ بها.