إنّ أخطرَ ما في الدخانِ أنّ أضرارَه لا تنحصرُ في المدخِّنِ نفسِه، بل تنتقلُ إلى مَن حَوْله، مِن زوجةٍ، وأولادٍ، وزملاءَ في العمل، ِ فإذا كنتَ جالساً في غرفةٍ لمدةِ أربعِ ساعاتٍ، وفيها مدخِّنٌ فكأنما دخّنتَ عشرَ دخيناتٍ، وأنت في المصطلحِ الطبِّي مدخِّنٌ سلبيٌّ، أنت لا تدخِّن، لكنك تجالسُ مدخناً، فهذا الذي يدخِّنُ، ويستمتعُ بنكهةِ الدخانِ - إنْ وُجِدتْ - يؤذي غيرَه، وهو لا يدري.
ثمّةَ إحصائيةٌ دقيقةٌ في أمريكا، وهي أنّ ضحايا التدخين في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها ثلاثمئة وخمسون ألفَ شخصٍ سنوياً، بمعنى أنّ كلَّ يومٍ يموتُ ألفُ مدخِّنٍ، وخمسون ألفاً من المدخِّنين السلبيِّين الذين لا يدخِّنون، لكنّ آباءهم أو أمّهاتِهم، أو زملاءَهم يدخِّنون، وإنّ مجموعَ الذين يموتون بسببِ التدخين في دولةٍ واحدةٍ في الغربِ أربعمئة ألفِ إنسانٍ، بواقعِ ألفٍ في كلِّ يومٍ أو أكثر.
إنّ الدخانَ المستوردَ أو المهرَّبَ مِن أمريكا دخانٌ رديءٌ جداً، حيث إنّ نسبَ السمومِ فيه عاليةٌ جداً، إلى درجةِ عشرةِ أضعافٍ، العلبة نفسُها، والعلامةُ التجاريةُ نفسُها، والسعرُ نفسُه، فالدخانُ الذي يُصدِّرُ إلى بلادِ الشرقِ الأوسطِ دخانٌ من الدرجةِ العاشرةِ.
أُجْرِيَتْ دراسةُ في بريطانية على ثلاثةٍ وثمانينَ رجلاً مدخّناً، تؤكِّدُ أنّ ثلاثةَ أشخاصٍ مِن كلِّ عشرة سيلاقُون حتْفَهم بسببِ أمراضٍ ناتجةٍ عن التدخينِ، أمّا الباقون فسيعانون من أمراضٍ مزمنةٍ لها علاقة بالتدخين.
وأمّا عن الخسائرِ الناتجةِ عن الحرائقِ بسببِ أعقابِ السجائرِ فهي تفوقُ كلَّ أرباحِ الشركاتِ، والضرائبِ التي تُحصَّلُ مِن هذه الصناعةِ.
وفي بلادنا الجميلةِ، وبغاباتها المتميزةِ، ألقَى إنسانٌ متنزِّهٌ عقبَ دخينةٍ فأحرقَ مئتين وخمسينَ هكتاراً من الغاباتِ الخضرِ، كلُّ هذه الخسارةِ بسببِ عقبِ دخينةٍ واحدٍ.