تدورُ الأرضُ حولَ الشمسِ في ثلاثمئة وخمسةٍ وستين يوماً، غير أنَّ نجماً آخرَ في المجموعةِ الشمسيةِ يدور حولَ الشمسِ في سنتين أو ثلاث أرضيَّةٍ، وبعضُها في أَقَلَّ مِن سنةٍ، فكلُّ نجمٍ له مواقعُه الخاصَّةُ، وله مدارٌ طويلٌ أو قصيرٌ، وشكل مداره دائري، أو إهليلجيّ، {فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النجوم} ، فكل نجم له موقع في كل ثانية، وأدقُّ ساعاتِ العالَمِ تُضْبَطُ على بعضِ النجومِ، قد يَجِدُ صانِعُوها أنّها تأخرتْ، أو تقدمتْ في العامِ ثانيةً واحدةً، فما الذي يضبِطُها؟ يضبطُها مرورُ نجمٍ لا يتقدَّم ولا يتأخَّر عن موعدِه الدقيقِ، فهذه المواقعُ وَفقَ نظامٍ عجيب، ففي كلِّ ثانيةٍ يكون للنجمِ موقعٌ جديدٌ، حتى إنّ المذنَّبَ هالي يقطعُ مسارَه في ستّةٍ وسبعين عاماً، وقد رآه الناسُ في عامِ (١٩١٠) ، ورأيناه في عامِ (١٩٨٦) ، وكان قد رُئِيَ قبل الميلاد بألفيْ عام، لم يتقدَّم ولم يتأخَّر، ويكونُ على بُعْد ثلاثةِ ملايين كيلو مترٍ من الأرض، هذا هو المعنى الثاني لمواقعِ النجومِ.
فالمعنى الأول المسافات الشاسعة، والمعنى الثاني حركي، وهو تنقُّل النجمٍ من موقعٍ إلى آخر، والمعنى الثالث أنّ هذه الكتلَ بعضُها كبيرٌ، وبعضُها صغيرٌ، بعضُها قريبٌ، وبعضُها بعيدٌ، وقد وُضِعَتْ هذه النجومُ المتفاوتةُ في الأحجامِ، والمتفاوتةُ في الأبعادِ في أماكنَ دقيقةٍ، حيث لو تجاذبتْ لكان محصلةُ هذا كله ذَلك النظامَ البديعَ الذي نراه بأعيننا.