قال العلماءُ: "إنَّ كلَّ الغازاتِ في الجسمِ تتمدَّد مع انخفاضِ الضغطِ، ومع تمدُّدِها تتمزَّقُ الأنسجةُ والأجهزةُ، وتتهَتَّكُ الرئتان، ويتهتَّك القولون، وتتهتَّك الأذنُ الوُسطى، فإنّ انخفاضَ الضغطِ له آثارٌ خطيرةٌ، منها آلامُ البطنِ التي لا تُحْتَمَلُ، ولا سيَّما آلامُ القولونِ، وكذا آلامُ الرئتين، وآلامُ الأذنِ، وآلامُ المفاصلِ، هذه كلُّها أعراضُ نقصِ الضغطِ، فهل صعدَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى السماءِ فقال هذا الكلامَ؟ هل صعِدَ أحدٌ في حياته؟ هل ركبَ الطائرةَ أحدٌ في حياتِه حتى وصفَ هذه الأعراضَ؟ يقول الله عز وجل:{فَمَن يُرِدِ الله أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ للإسلام وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السمآء} ، لذلك قال سيدنا علي رضي الله عنه:(فِي القُرْآنِ الكَرِيمِ آيَاتٌ لَمَّا تُفَسَّرْ) .
بعْدَ أنْ تقدَّم العلمُ، وركبَ الإنسانُ الطائرةَ والمنطادَ، وصعدَ بهما في طبقاتِ الجوِّ العليا كشفَ هذه الحقائقَ، وحينما تركبُ الطائرةَ لا تشعرُ بشيء مِن هذا القبيلِ، لأنّ أجهزةَ الطائرةِ قد ضَغَطَت الهواءَ ثمانيةَ أمثالٍ، ليكونَ الضغطُ الجويُّ ونسبةُ الأكسجين موافقةً لِمَا هي عليه في سطحِ الأرض، فلو تعطلتْ أجهزةُ الضغط فجأةً في الجوِّ فلا بدَّ للطيارِ أنْ يهبطَ اضطراراً لئلا يموتَ الرُّكابُ، وهذا معنى قولِه تعالى:{يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السمآء} .
وقد عُرِضَ بحثٌ عنوانه: الضغوطُ العاليةُ، وبدأَ بتعريفِ وَحْدة الضغط، وهو الضَّغطُ الجويُّ الذي يساوي ألفاً وثلاثةً وثلاثين غراماً على السنتمتر المربع، وهو وزنُ ستة وسبعين سنتمتراً مكعباً مِن الزئبق، هذا الضغطُ الجويُّ هو وحدةُ قياسِ الضغطِ، ونعلمُ أنّ مساحةَ جسمِ الإنسانِ مِن مترٍ إلى مترين، حيث يتحمَّل ضغطاً فوْقَه من عشرةٍ إلى عشرين طناً دون أنْ يشعرَ، ونحن جميعاً في قاعِ بحر ملؤُه الهواءُ، وكلٌّ منّا يحملُ فوقَه مِن عشرةٍ إلى عشرين طناً من الضغطِ الجويِّ، هذه وحدةُ الضغطِ.