إنّ في الرُّطبِ مادةً تعينُ على انزلاقِ بقايا الطعامِ في الأمعاءِ الغليظةِ، وهي مادةٌ منظِّفةٌ ومليِّنةٌ، وما مِن امرأةٍ على وشكِ أنْ تَضَعَ حمْلَها إلاّ ويحرصُ الطبيبُ، أو القابلةُ على أنْ تكونَ أمعاؤُها خاليةً من كلِّ شيءٍ، لئلاَّ يُعيقَ امتلاءُ الأمعاءِ خروجَ الجنينِ مِنَ الرحمِ، وإنّ في التمرِ نفسِه مادةً مليِّنةً، ومنظِّفةً للأمعاءِ، ولا سيما الغليظةُ.
شيءٌ آخرُ، الطَّلْقُ عمليةٌ مُجْهِدَةٌ، فالقلبُ أحياناً تزيدُ ضرباتُه من مئةِ ضربةٍ في الدقيقةِ، أو من ثمانين ضربةً في الدقيقةِ، إلى مئةٍ وثمانين ضربةً في الدقيقةِ، ليواجِهَ هذه التقلُّصاتِ العنيفةَ، قالقلبُ يحتاجُ إلى غذاءٍ، والحركاتُ العضليةُ تحتاجُ إلى غذاءٍ، لذلك فالتمرُ لا يستغرقُ انتقاله أكثرَ مِن عشرِ دقائقَ مِنَ الفمِ إلى الدمِ مباشرةً، فهو أَسْهَلُ مادةٍ للهضمٍ، ولتحوِّلها مِن غذاءٍ إلى طاقةٍ.
إنّ هذا التمرَ مركَّزٌ تركيزاً شديداً جداً، فهو يحتاجُ إلى سائلٍ ينحلُّ فيه، كي يَسْهُلَ الامتصاصُ:{فَكُلِي واشربي} .
لماذا يحتاجُ الإنسانُ بعد أنْ يأكلَ الحلوَ إلى الماءِ؟ هكذا بُنيتُه الوظيفيّةُ، لأنّ الحلوَ يحتاجُ إلى تمديدٍ، وإلى أنْ ينحلَّ في سائلٍ كي يَسْهُلَ هضمُه، لذلك فإنّ شُربَ الماءِ ضروريٌّ للمرأةِ التي على وَشْكِ الوضعِ، وحالتُها النفسيةُ المطمئنةُ عنصرٌ أساسيٌّ في الولادةِ، وأنْ يكونَ طعامُها فيه أشياءُ أربعةٌ؛ موادُّ تعينُ على انقباضِ الرحمِ، وموادُّ تمنعُ النزيفَ، موادُّ تنظِّفُ الأمعاءَ، وتليِّنُها، وموادُّ أخرى تغذِّي بأقصرِ وقتٍ، وأيسرِ سبيلٍ.
هذا القرآنُ الكريمُ، هذا كلامُ ربِّ العالمين، كلماتٌ في قصةٍ، ولكنْ لو وَقَفْتَ عندها لوجدتَ العَجَبَ العُجَابَ:{وهزى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النخلة تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً * فَكُلِي واشربي وَقَرِّي عَيْناً} .
لا بدَّ من غذاءٍ خاصٍّ، ولا بدّ من شرابٍ خاصٍّ، ولا بدَّ من طمأنينةٍ نفسيّةٍ.
هذه بعضُ آياتِ القرآنِ، وكلَّما تقدَّمَ العلمُ ازدادَ الإنسان يقيناً أنّ هذا الكلامَ كلامُ ربِّ العالمين، كلامُ خالقِ الأكوانِ، وليس كلامَ البشرِ.