ومِن سننِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إنهارُ الدمِ، وفريُ الأوداجِ، إذْ لا بدَّ أنْ يخرجَ هذا الدمُ الذي يحملُ كلَّ عواملِ المرضِ من جسمِ الدابَّةِ، فقد قال العلماءُ:"إنّ الدابَّةَ التي تحتجزُ الدمَ في أنسجتِها يميلُ لونُها إلى اللونِ الأزرقِ، وإذا بقيَ هذا الدمُ في النسيجِ العضليِّ تحلَّلَ، وخَرجَتْ منه حموضٌ تؤدِّي إلى تيبُّسِ اللحمِ وتصلُّبِه، وبعد ساعاتٍ ثلاثٍ تنفردُ الجراثيمُ الهوائيةُ واللاهوائيةُ بإفسادِ هذه النُّسُجِ اللحميةِ التي بقيَ الدمُ فيها، وهذا التفاعلُ تنتجُ عنه مركباتٌ كريهةُ الرائحةِ، سامّةُ التأثيرِ، وينتفخُ اللحمُ بالغازاتِ المتولِّدةِ".
لذلك حينما علَّمنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنه لا بدَّ من ذبحِ الدابةِ مِن أوداجِها، فمِن أجل أنْ يخرجَ الدمُ من جسمِها، ويبقَى اللحمُ طاهراً طيِّباً.
من هُنا كانت حكمةُ ربِّنا عزَّ وجل بأنْ حَرَّمَ علينا أكلَ المنخنقةِ، والموقوذةِ، والمترديةِ، والنطيحةِ، وما أَكَلَ السَّبُعُ، ففي هذه الحالاتِ كلِّها يبقى الدمُ في بدنِ الدابةِ، والدمُ فيه كلُّ عواملِ المَرَض، وعواملِ التفسخِ، وعواملِ التصلبِ، وعواملِ الانتفاخِ، فلا بدَّ أنْ يكونَ اللحمُ مذبوحاً بالطريقةِ الشرعيةِ.