عزا بعضُ العلماء هذه الظاهرةَ، سرعةَ التِئامِ جروحِ الأسماكِ في وقتٍ قياسيٍّ، وقصيرٍ جدّاً بالقياسِ إلى التئام جروحِ الإنسانِ، عزاها إلى مُلوحةِ المياهِ، ولكنَّ هذا التفسيرَ سَقَطَ أمامَ ظواهرَ كثيرةٍ شاهَدَهَا علماءُ البحارِ بِأُمِّ أعْيُنِهم، فعُلماءُ البحارِ، وعلماءُ الأسماكِ وجدوا مِن خلالِ الملاحظَةِ الدقيقةِ أنّ بعضَ الأسماكِ إذا ما جُرِحَ يلجأُ إلى أسماكٍ مِن نوعِهِ، يتناوَبُ بعضُها خَلْفَ بعضٍ على الالتِصاقِ بأماكنِ الجروحِ، أسماكٌ تلتصقُ مع السمكةِ الجريحةِ، تأتِي الأُولى، والثانيةُ، والثالثةُ، إلى أنْ يلتئمَ الجُرحُ، اعْتَقَد العلماءُ أنّ هذه الأسماكَ تفرِزُ موادَّ تُعينُ على شِفاءِ الجروحِ والتئامِها، فما كان مِن علماءِ الأسماكِ إلاّ أنْ جاؤوا ببعضِ هذه الأسماكِ إلى مختبراتٍ، ووضَعوها في مياهٍ مالحةٍ، ووضعوها في الشروطِ نفسِها، وأحْدثوا جرحاً في بعضِ هذه الأسماكِ، الشيءُ الذي لَفَتَ النظرَ أنّ هذه الأسماكَ امْتَنَعَتْ عن معالجةِ زميلتِها!! وهي تحت سمْعِ وبصرِ العلماءِ!! وبقيَ هذا السرُّ دفيناً سنواتٍ طويلةً، إلى أنِ استطاعَ عالمٌ قَضَى سنواتٍ طويلةً في تحليلِ هذه الموادِّ التي تُفرِزُها الأسماكُ حينما تلتصقُ بِزَميلاتِها الجرحَى، فإذا هذه الموادُّ سامَّةٌ، وضارَّةٌ ظاهراً، لكنّ يعضَها متخصِّصٌ بِتَخثيرِ الدَّمِ، وبعضُها يُعين على انقباضِ الجلدِ والعضلاتِ، وفي بعضِها مادّةٌ لاصقةٌ، يُخَثَّرُ الدمُ أوّلاً، وتُشَدُّ العضلاتُ والجلدُ ثانياً، ثم تأني المادةُ اللاصقةُ ثالثاً لِتُنهيَ هذا الجرحَ نهائيّاً.