إنّ سقوطَ الضوءِ فوقَ الشبكيةِ ينتقلُ بوساطةِ سيَّالاتٍ عصبيةٍ عبرَ أليافِ العصبِ البصرِي إلى الغدةِ النخاميةِ، وهي ملكةُ الغددِ، والتي تؤمِّن التكاملَ والتكيُّفَ بين وظائفِ الأجهزةِ الداخليةِ، والنشاطُ العامُّ للجسمِ يرتبطُ بالغدةِ الدرقيةِ، فالغدةُ الدرقيةُ التي فيها الاستقلابُ، - وهو تحوُّلُ الغذاءِ إلى طاقةٍ - فهذا الغذاءُ يتحوَّلُ إلى طاقةٍ عاليةٍ في النهارِ، وطاقةٍ متدنيةٍ في الليلِ، هذه الغدةُ الدرقيةُ، مع الغدةِ النخاميةِ تتأثَّرُ بالزمنِ، بل هناك ساعةٌ تحسبُ تعاقُبَ الليلِ والنهارِ.
وتزدادُ ضرباتُ القلبِ في النهارِ، من عشرٍ إلى عشرين ضربةً عنها في الليلِ، ويزدادُ إدرارُ البولِ مِن ضعفين إلى أربعةِ أضعافٍ في النهارِ عنه في الليلِ، ومن خلالِ تسجيلِ النشاطِ الكهربائيِّ للدماغِ تبيَّن أنه يزدادُ في النهارِ، ويضعُفُ في الليلِ، وتزدادُ درجةُ لزوجةِ الدمِ في النهارِ عنها في الليلِ، ويزدادُ عددُ كرياتِ الدمِ البيضاءِ - كسلاحٍ دفاعيٍ في الإنسانِ - في النهارِ عها في الليلِ، ما الذي يُشعِرُ الجسمَ أنّ الوقتَ وقتُ نهارٍ؟
أنت بعقِلك تدركُ، ولكنَّ هذه الخلايا التي تتبدَّلُ وظائفُها بين النهارِ والليلِ، أو ترتفعُ مُعدَّلاتُ وظائفِها بين النهارِ والليلِ مَن يشعِرُها بالزمن؟
هذا ما اصطلحَ العلماءُ على تسميتِه "الساعةَ البيولوجيةَ"، فالساعةُ البيولوجيةُ مجموعةُ خلايا إلى جانبِ الغدةِ النخاميةِ، تستشعرُ ضَوْءَ الشمسِ الذي يسقُطُ على قاعِ الشبكيةِ في النهارِ، لذلك إذا عاشَ الإنسانُ في ظلامٍ مستمرٍّ تَخْتَلُّ وظائفُه الحيويةُ، لأنّ هذه الساعةَ البيولوجيةَ تتعطَّلُ عن العملِ لانعدامِ وصولِ الشمسِ إلى قاعِ العينِ.