تزورُ النحلةُ ما يزيد على ألفِ زهرةٍ لكي تحصلَ على قطرةٍ مِنَ الرحيقِ، وتحتاجُ القطرةُ الواحدةُ مِن الرحيقِ إلى أنْ تَحُطَّ النحلةُ على ألفِ زهرةٍ، أو أكثرَ، ومِن أجلِ أنْ تجمعَ النحلةُ مئةَ غرامٍ مِنَ الرحيقِ تحتاجُ إلى مليونِ زهرةٍ.
إنّ سرعةَ النحلةِ في طيرانِها تزيدُ على خمسةٍ وستينَ كيلو متراً في الساعةِ، فهي تقاربُ في سرعتِها سرعةَ السيارةِ، فإذا كانتْ محمّلةً برحيقِ الأزهارِ تنزلُ سرعتُها إلى ثلاثينَ كيلو متراً في الساعةِ، ولا تَنْسَوْا أنّ حمولةَ النحلةِ من رحيقِ الأزهارِ يعادلُ ثُلُثَيْ وزنِها، ويحتاجُ الكيلو الواحدُ مِن العسلِ إلى طيرانٍ يعادلُ أربعمئة ألفِ كيلو مترٍ تقريباً، ويحتاجُ الكيلو الواحدُ من العسلِ إلى عشرِ دوراتٍ حولَ الأرضِ في خطِّ الاستواءِ، أي ما يعادلُ عشرةَ أضعافِ محيطِ الأرضِ، ويطرأُ على الرحيقِ في أثناءِ الطيرانِ تبدلٌ كيميائيٌّ.
إنّ بعضَ الدولِ المتقدِّمةِ في الصناعةِ تأخذُ الموادَّ الأوليةَ مِن قارةٍ، وفي طريقِها إلى المصانعِ تُجرِي على هذه الموادِّ عملياتٍ كثيرةً معقدةً في الباخرةِ نفسِها، كسباً للوقتِ، وتوفيراً للجهدِ، فإذا ابتدعَ هؤلاءِ هذه الطريقةَ؛ فإنَّ النحلةَ سَبَقَتْهُم في هذا أشواطاً كثيرةً، إنّها في أثناءِ طيرانِها تُجرِي على الرحيقِ تبدُّلاتٍ كيماويةً كثيرةً.
إنه إذا كان موسمُ الأزهارِ غزيراً فإنّها تعطِي حمولتَها لنحلةٍ أخرى، وتعودُ سريعاً لكسبِ الوقتِ، وجَنْيِ رحيقِ الأزهارِ، وإذا كانت الأزهارُ قليلةً، فإنها تدخلُ بها إلى داخلِ الخليّةِ، وتضعُها في المكانِ المناسبِ.
أمّا الملكةُ فهي أكبرُ النحلِ حجماً، فهي تضعُ كلَّ يومٍ في فصلِ الربيعِ قريباً من ألفٍ إلى أَلْفَيْ بيضةٍ، والذي يأخذُ بالألبابِ أنَّ هذه الملكةَ تضعُ الملكاتِ في مكانٍ، والذكورَ في مكانٍ آخرَ، والإناثَ في مكانٍ غيرِه، ليتلقّى كُلٌّ غذاءً خاصاً، وعنايةً خاصةً، بحسبِ جنسِه، وكأنها تعرفُ نوعَ المولودِ قَبْلَ الولادةِ، وهذا يَعجزُ عنه البشرُ.