في الإنسانِ جهازٌ للتبريدِ، ويسمِّيه العلماءُ جهازَ التعرُّقِ، هذا الجهازُ بمنزلةِ جهازِ التبريدِ، وجهازِ التنظيمِ الحراريِّ للإنسانِ.
يتألّفُ هذا الجهازُ من مليون وحدةِ تبريدٍ، أيْ مِن مليون غدةٍ عرقيةٍ، والغدةُ العرقيةُ الواحدةُ تتألّفُ من أنبوبٍ طولُه ميليمتران، وقُطْرُه عُشْرُ الميليمتر، هذا الأنبوبُ يلتفُّ على نفسِه، ويتّصلُ بالجلدِ، وتتوزّعُ هذه الأنابيبُ على سطحِ الجلدِ على نحوٍ غيرِ متساوٍ، تكثرُ في الجبينِ، وفي أخمصِ القدمِ، وباطنِ الكفِّ، وفي أماكنَ أخرى من الجسمِ، بمعدّلِ ثلاثمئةِ غدةٍ عرقيةٍ في السنتيمتر الواحدِ، وكلُّ غدةٍ عرقيةٍ جهازُ تبريدٍ كاملٌ، وهذه الأنابيبُ المليونُ إذا وُصِلَ بعضُها ببعضٍ بَلَغَ طولُها خمسةَ كيلومتراتٍ في كلِّ جسمٍ، وفي كلِّ مئةِ غرامٍ من العرقِ الذي تنضحُ به هذه الخلايا تسعة وتسعون غراماً ماءً، وغراماً واحداً من الموادِّ المنحلةِ، نصفُها من الملحِ، ونصفُها من البولةِ، وبعضِ الموادِّ الكيميائيةِ الأخرى، والإنسانُ يفرزُ من العرقِ في الأربعِ والعشرين ساعةَ من ستمئةِ غرامٍ إلى ألفِ غرامٍ، إلى ما يعادِل كيلوغراماً من العرقِ، وإفرازُ العرقِ مستمرٌّ، ولا نشعرُ به إلا إذا كان غزيراً، والدليلُ على أن هناك إفرازاً مستمراً ليونةُ الجلدِ، ورطوبتُه، ولولا التعرُّقُ لما كان هناك ليونةٌ، ولما كانت هناك رطوبةٌ، والتعرُّق صمامُ أمانٍ لارتفاعِ حرارةِ الجسمِ، كيف أنّ بعضَ الأواني البخاريةِ لها صمامُ أمانٍ مخافةَ أن تنفجِرَ، وكذلك الجسمُ، لو أنّ الحرارةَ ارتفعتْ فوقَ معدَّلِها لماتَ الإنسانُ، لذلك هناك صمامُ أمانٍ، فإذا ارتفعتْ حرارةُ الجسمِ من الداخلِ، أو كان هناك حرارةٌ من الخارجِ، فإنّ هذه الأجهزةَ تفرزُ الماءَ الغزيرَ، وهذا الماءُ الغزيرُ يمتصُّ الحرارةَ الزائدةَ فيتبخَّرُ، وبهذه الطريقةِ يحافظُ على حرارةِ الجلدِ المعتدِلةِ.