للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سبحتن له، ، وعن آخر أنّه قال: سبحان ما سَخَّرَكُنَّ لَنَا، وسبب ذلك أن "ما" بمعنى "الّذي"، و"الّذي" تصلح لمن يعقل ولمن لا يعقل، فتحمل "ما" على أحد وجهيها.

(٢٥٤ - ٦) وفي حديثه في حفوف الملائكة بمجالس الذكر: "فَيَعْرُجُونَ إلَى اللَّه تَعَالَى، فَيَسْألُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى: أيْنَ كُنْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: مِنْ عنْد عبَاد لَكَ يُسَبَّحُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيَسْألُونَكَ. [قَالَ]: وَمَا يَسْأَلُونِي؟ قَالُوًا: جَنَّتكَ. قَالَ: وَهَلْ رَأَوْهَا؟ ! قَالُوا: لَا أَيْ رَبَّ" (١)، وبعده مواضع مثله، كان الظّاهر يعطي أن يقولوا: أيْ رَبَّنَا؛ لأنّ الألفاظ كلها "قالوا" و"يَقُولُونَ". والوجه في الإفراد أن يكون التقدير: فيقول كلّ منهم: أي رب، ونظيره قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ}، ثمّ قال: {فَاجْلِدُوهُمْ} [النور: ٤]، أي: فاجلدوا كلًا منهم ثمانين، فحذف كلًا للعلّم بها. ويجوز أن يكون الجميع (٢) لاتفاق كلمتهم كالمَلَكِ الواحد (٣).

(٢٥٥ - ٧) وفي حديثه في قصة إبراهيم والكافر: "لَمْ يَكْذبْ إِلَّا ثَلَاثَ كَذَبَاتٍ" (٤): الجيد أن تفتح الذال في الجمع؛ لأنّ الواحدة "كَذْبةَ" بسكون


(١) صحيح: أخرجه مسلم (٢٦٨٩)، وأحمد (٨٧٤٩).
(٢) في ح: الجمع.
(٣) وعندي وجه آخر، وهو أن يكون ضبط كلمة "رب" بالضم على البناء دون الإضافة، ومنه قول الشاعر:
أتيناكم نخب السير خبا ... ونحمل في حشايا القلب حبا
نهم بذكركم شوقًا ونسقى ... بدمع العين في العرصات صبا
فهيا سامحونا قد أسأنا ... وهيا فاغفروا يا ربُّ ذنبا
تقرب غيرنا لسواك جهلًا ... ونحن بقربكم نزداد قربا
والأصل في ذلك كله السماع والنقل، ثمّ إن العرب - كما سبق آنفًا - تعامل الجمع معاملة المفرد، والمفرد معاملة الجمع.
وانظر غير مأمور: "المزهر في علوم اللُّغة وأنواعها" (١/ ٣٣٣)، للحافظ السيوطيّ.
(٤) صحيح: أخرجه البخاريّ (٣٣٥٨)، ومسلم (٢٣٧١)، وأحمد (٨٩٨٨).

<<  <   >  >>