للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذال، وهو اسم لا صفة؛ لأنك تقول: كَذَبَ كِذبةً، فهو مثل ركعة، وجفنة، وقصعة، ولو كان صفة لسكن في الجمع، مثل صعبة وصعبات.

وفيه أيضًا: "إِنْ عَلَى الأرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِي وَغَيْرُكَ":

"إن" ههنا بمعنى "ما"، و"غير" يجوز فيها النصب على [أصل] (١) باب الاستثناء، والرفع على الصِّفَة أو البدل.

(٢٥٦ - ٨) وفي حديثه: "أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنَّكَ إنْ لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ" (٢):

كذا وقع في هذه الرِّواية "تَرَاهُ" بالألف، والوجه حذفها؛ لأنّ "إن" لا تحتمل هنا من وجه "إن" المكسورة إِلَّا الشرطية وهي جازمة، وعلى [هذا] (٣) يمكن تأويل هذه الرِّواية على أنّه أشبع فتحة الراء فنشات الألف، وليست من نفس الكلمة. ويجوز أن يكون جعل الألف في الرفع عليها حركة مقدرة، فلما دخل الجازم حذف تلك الحركة فبقيت الألف سَاذجةً من الحركة (٤)؛ كما يكون الحرف الصّحيح ساكنًا في الجزم. وعلى هذين الوجهين حمل قوله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ} [يوسف: ٩٠]، بإثبات الياء على قراءة ابن كثير (٥)، وكذا قول الشاعر (٦) [الرجز]:

(٢٨) إِذا الْعَجُوزُ غَضِبَتْ فَطَلِّقِ ... وَلَا تَرَضَّاهَا وَلَا تُمَلِّقِ


(١) زيادة من ط.
(٢) صحيح: أخرجه البخاريّ (٥٠)، ومسلم (٩)، والنسائي (٤٩٩١)، وابن ماجه (٦٤)، وأحمد (٩٢١٧).
وما ذكره المصنِّف هو لفظ الإمام مسلم وابن ماجه وأحمد.
(٣) سقط في خ.
(٤) وهذا تأويل جميل وغريب في أن واحد؛ وما زلت أتعجب منه، وكأنّه - رحمه الله - يشرح صنيع قوم من العرب يجرون المعتل مُجْرى الصّحيح في جميع حالاته، ، وكأن أبا البقاء يعتذر عنهم بأنّهم ينزلون الفعل المعتل الآخر منزلة الاسم المقصور؛ فإن هذا الأخير يتعذر ظهور حركات الإعراب على آخره (! ! ).
(٥) ينظر: "النشر" (٢/ ٢٩٧)، و"معاني القراءات" (٢/ ٥٠)، و"الحجة" لأبي علي الفارسي (٤/ ٤٤٧)، و"حجة القراءات" (ص ٣٦٤)، و"العنوان" (ص ١١١)، و"إتحاف فضلاء البشر" (٢/ ١٥٣).
(٦) تقدّم الكلام عليه.

<<  <   >  >>