للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال - رحمه الله تعالى! -: الجيد فيهما النصب، والتقدير* عند أوله وعند آخره، فحذف "عند"، وأقام المضاف إليه مقامه. ويجوز أن يكون التقدير: ألاقي بالتسمية أوله وآخره. ويجوز الجر على تقديرٍ، أي: في أوله وآخره.

(٢٨ - ٢) وفي حديث أنس بن مالك قال: "يُجْمَعُ النَّاسُ يَوْمَ الْقيَامَة، فَيُلهَمُونَ ذَلِكَ، فَيَقُولُونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنَا (١) عَلَى رَبَنَّا" (٢):

قال - رحمه اللَّه! -: "ذلك" إشارة إلى المذكور بعده، وهو حديث الشفاعة. ويجوز أن يكون قد جرى ذكره قبلُ، فأشار بـ "ذلك" إليه ثمّ ذكر بعد منه طائفة (٣).

وأمّا قوله: "على رَبَّنَا"، فإنّه عدى "استشفعنا" بـ "على"، وهي في الأكثر تتعدى بـ "إلى"؛ لأنّ معنى "استشفعت": توسلت، فيتعدى بـ "إلى"، ومعناها - أيضًا -: استعنت، وهذا الفعل يتعدى بـ "على"، ومعناها - أيضًا -: تحملت، يقال: استشفعت إليه، وأستعنت، وتحملت عليه بمعنى واحد، ومن


= قال الحافظ: مستور، ولذلك ضعفه الألباني في "ضعيف سنن أبي داود" (ص/ ٣٧١)، ولكن صح الحديث عن عائشة رضي الله عنها مرفوعًا كما في "صحيح سنن أبي داود" (٧١٨/ ٢)، و"إرواء الغليل" (٧/ ٢٤)، وعند ابن حبّان (١٢/ ١٤ - إحسان) من حديث ابن مسعود بإسناد صحيح.
(١) في خ: استعنا. وهي كذلك في كلّ المواضع الآتية بعدها. والتصحيح من كتب الحديث.
(٢) صحيح: وهذا لفظه كما في "المسند" برقم (١١٧٤٣)، ووقع في رواية مسلم (١٩٣): فيهتمون لذلك، وفي ابن ماجه (٤٣١٢): يلهمون أو يهمون (الشك من سعيد أحد رواة الحديث)، والحديث أخرجه البخاريّ (٦٥٦٥)، وانظر "صحيح سنن ابن ماجه" (٢/ ٤٣١).
(٣) الأصل في الإشارة أن تعود على حاضر في الذكر أو في الذهن، فمن الأوّل قوله تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراءِ: ٣٦] ومن الثّاني قوله تعالى: {فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ} [القصص: ١٥] قال المبرد: العرب تشير بـ "هذا" إلى الغائب؛ قال جرير:
هذا ابن عمي في دمشق خليفة .............
ينظر: "دراسات لأسلوب القرآن الكريم"، محمّد عبد الخالق عضيمة، (ق ٣/ ١/ ١٦٥) وما بعدها - ط. دار الحديث.

<<  <   >  >>