للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ} [آل عمران: ٧]، أي: "إرادة الفتنة" (١).

قال الزمخشري: " طلب أن يفتنوا الناس عن دينهم ويضلوهم" (٢).

قال الصابوني: " أي طلباً لفتنة الناس في دينهم" (٣).

قال ابن كثير: " أي: الإضلال لأتباعهم، إيهامًا لهم أنهم يحتجون على بدعتهم بالقرآن، وهذا حجة عليهم لا لهم، كما لو احتج النصارى بأن القرآن قد نطق بأن عيسى هو روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم، وتركوا الاحتجاج بقوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ} [الزخرف: ٥٩] وبقوله: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران: ٥٩] وغير ذلك من الآيات المحكمة المصرحة بأنه خلق من مخلوقات الله، وعبد، ورسول من رسل الله" (٤).

وفي قوله تعالى: {ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ} [آل عمران: ٧] خمسة تأويلات:

أحدها: الشرك، قاله السدي (٥)، والربيع (٦).

والثاني: اللّبْس. قاله محمد بن إسحاق (٧)، ومحمد بن جعفر (٨).

والثالث: ابتغاء الشبهات، قاله مجاهد (٩).

الرابع: الشبهات التي حاجّ بها وفد نجران (١٠).

الخامس: إفساد ذات البَيْن (١١).

قوله تعالى: {وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران: ٧]، "وإِيهاماً للأتباع بأنهم يبتغون تفسير كلام الله" (١٢).

قال ابن كثير: "أي: تحريفه على ما يريدون" (١٣).

قال الزمخشري: " وطلب أن يأوّلوه التأويل الذي يشتهونه" (١٤).

وفي قوله تعالى: {وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران: ٧] في التأويل وجهان:

أحدهما: أنه التفسير.

والثاني: أنه العاقبة المنتظرة.

قوله تعالى: قوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ} [آل عمران: ٧]، " أي لا يعلم تفسير المتشابه ومعناه الحقيقي إِلا الله وحده" (١٥).

قال الزمخشري: " أي لا يهتدى (١٦) إلى تأويله الحق الذي يجب أن يحمل عليه إلا اللَّه" (١٧).


(١) تفسير ابن أبي حاتم (٣١٨٩): ص ٢/ ٥٩٦. قاله السدي.
(٢) الكشاف: ١/ ٣٣٨.
(٣) تفسير الصابوني: ١/ ١٦٧.
(٤) تفسير ابن كثير: ٢/ ٨.
(٥) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣١٩٠): ص ٢/ ٥٩٦.
(٦) انظر: تفسير الطبري (٦٦١٧): ص ٦/ ١٩٦.
(٧) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣١٩٠): ص ٢/ ٥٩٦.
(٨) انظر: تفسير الطبري (٦٦٢١): ص ٦/ ١٩٧.
(٩) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣١٩٢): ص ٢/ ٥٩٧.
(١٠) انظر: النكت والعيون: ١/ ٣٧١.
(١١) انظر: النكت والعيون: ١/ ٣٧١.
(١٢) صفوة التفاسير: ١/ ١٦٧.
(١٣) تفسير ابن كثير: ٢/ ٨.
(١٤) الكشاف: ١/ ٣٣٨.
(١٥) صفوة التفاسير: ١/ ١٦٨.
(١٦) قال المحقق رحمه اللَّه: وقوله «لا يهتدى إليه إلا اللَّه» عبارة قلقة، ولم يرد إطلاق الاهتداء على علم اللَّه تعالى، مع أن في هذه اللفظة إيهاما إذ الاهتداء لا يكون في الإطلاق إلا عن جبل وضلال - جل اللَّه وعز - حتى إن الكافر إذا أسلم أطلق أهل العرف عليه: فلان المهتدى، ذلك مقتضى اللغة فيه فانه مطاوع هدى. يقال: هديته فاهتدى، والإجماع منعقد على أن ما لم يرد إطلاقه وكان موهما لا يجوز إطلاقه على اللَّه عز وجل. ولذا أنكر على القاضي إطلاقه المعرفة على علم اللَّه تعالى حيث حد مطلق العلم بأنه معرفة المعلوم على ما هو عليه. فلأن ينكر على الزمخشري إطلاق الاهتداء على علم اللَّه تعالى أجدر. وما أراها صدرت منه إلا وهما حيث أضاف العلم إلى اللَّه تعالى وإلى الراسخين في العلم، فأطلق الاهتداء على الراسخين، أو عقل عن كونه ذكرهم مضائين إلى اللَّه تعالى في الفعل المذكور واللَّه أعلم. [حاشية الكشاف: ١/ ٣٣٨].
(١٧) الكشاف: ١/ ٣٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>