للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٢ - معرفة الحكمة من تدرج التشريع]

إن الشريعة الإسلامية قائمة على رعاية المصالح ودفع الضرر، خصوصاً إذا لاحظ الإنسان تدرج التشريع في موضوع واحد، ويكفي شاهداً على ذلك تحريم الخمر، وما نزل فيه، أيضاً تشريع الكفارات لمن حنث في اليمين.

[٣ - العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب]

آيات الظهار في مفتتح سورة المجادلة سببها أن أوس بن الصامت ظاهر من زوجته خولة بنت ثعلبة والحكم الذي تضمنته هذه الآيات خاص بهما وحدهما على هذا الرأي، أما غيرهما فيعلم بدليل آخر قياساً، وبدهي أنه لا يمكن معرفة المقصود بهذا الحكم والقياس عليه إلا إذا علم السبب، وبدون معرفة السبب تصير الآيات معطلة خالية الفائدة.

[سادسا: - المحكم والمتشابه في القرآن الكريم]

المحكم لغة: الحاء والكاف والميم أصل واحد, وهو"المنع" (١)، و"المحكم": ما لا يعرض فيه شبهة من حيث اللفظ، ولا من حيث المعنى" (٢).

قال ابن منظور: " فالمحكم من أصل حكم والمُحْكَمُ الذي لا اختلاف فيه ولا اضطراب، أُحْكِمَ فهو مُحْكَمٌ" (٣).

قال الفيروز آبادي: "وسُورَةٌ مُحْكَمَةٌ: غَيْرُ مَنْسوخَةٍ، والآياتُ المُحْكَماتُ مثل قوله تعالى: {قُلْ تَعَالوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ} [الأنعام /١٥١.]، إلى آخِرِ الآية، أو التي أُحْكِمَتْ فلا يَحْتاجُ سامِعُها إلى تأوِيلِها لِبيانِها، كأَقاصِيصِ الأَنْبِياءِ" (٤).

قال الزركشي: فأما (المحكم)، فأصله لغة: المنع، تقول: أحكمت بمعنى رددت، والحاكم لمنعه الظالم من الظلم، حكمة اللجام هي التي تمنع الفرس من الاضطراب (٥).

وعليه، فالمحكم هو ما كان ذا دلالة واضحة، بحيث لا يحتمل وجوهاً من المعاني.

المعنى الاصطلاحي: ذُكِرَت للمحكم تحديدات عدّة، منها (٦):

١ - ما أنبأ لفظه عن معناه من غير أن ينضم إليه أمر لفظ يبيّن معناه, سواء أكان اللفظ لغوياً أم عرفياً، ولا يحتاج إلى ضرب من ضروب التأويل.

٢ - المحكم: ما استقلّ بنفسه، ولم يفتقر إلى غيره.

٣ - المحكمات: هي آيات واضحة المُراد، لا اختلاف فيها ولا اضطراب.

قال ابن عباس: "قرأت المحكم على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- " (٧)، يريد المفصل من القرآن لأنه لم ينسخ منه شيء.


(١) معجم مقاييس اللغة، ابن فارس، ج ٢، مادّة"حكم"، ص ٩١.
(٢) مفردات ألفاظ القرأن، راغب الأصفهاني، مادّة"حكم"، ص ٢٥١.
(٣) لسان العرب: (حكم): ٢/ ٩٥٢.
(٤) القاموس المحيط (الحكم).
(٥) البرهان في علوم القرآن، الزركشي: ٢/ ٦٨ وانظر: مناهل العرفان - الزرقاني: ٢/ ١٦٦
(٦) انظر: البرهان في علوم القرآن، الزركشي: ٢/ ٦٨، ومناهل العرفان، الزرقاني: ٢/ ١٦٦، والإتقان في علوم القرآن، السيوطي: ٢/ ٦، ولسان العرب ١٢/ ١٤١.
(٧) أخرجه البخاري بسنده عن سعيد بن جبير قال: وقال ابن عباس: (ثم توفي رسول الله S وأنا بن عشر سنين وقد قرأت المحكم) (٤٧٤٨) ٤/ ١٩٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>