للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللغة، وبمقتضى معنى الكلام، وهذا شامل للتفسير عموماً إلا أنه بَيَّنَ في الفقرتين الأولى والثانية سبيل التفسير بالرواية.

ويرى الباحث من كلام الزركشي أيضاً أن معتمد التفسير بالمأثور هو النقل، ويجب أن يكون هذا النقل صحيحاً؛ لأنه حذر من الضعيف، والموضوع إذ لا عبرة به عند جميع المفسرين.

وقد عَرَّف بعضُ المعاصرين التفسير بالرواية فقال: "هو ما جاء في القرآن، أو السنة، أو كلام الصحابة، بياناً لمراد الله تعالى" (١).

وقيل: "هو ما جاء في القرآن نفسه من البيان والتفصيل، وما نقل عن الرسول-صلى الله عليه وسلم-، وأصحابه، والتابعين مسنداً إلى من قبلهم على الصحيح" (٢).

وهذان التعريفان الأخيران هما خلاصة كلام الإمام ابن تيمية، وهو الراجح وهو ما سيقوم الباحث بشرحه في أقسام التفسير بالرواية.

[أقسام التفسير بالرواية]

مما سبق يمكننا أن نقسِّم التفسير بالرواية إلى الأقسام الآتية:

[أ- تفسير القرآن بالقرآن]

ومثال هذا القِسْم قوله تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ] {المائدة: ١}، جاء مفسراً في قوله تعالى: [حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ المَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالمُنْخَنِقَةُ وَالمَوْقُوذَةُ وَالمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ اليَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ] {المائدة: ٣}

وكذلك قوله تعالى: [إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ] {الدُخان: ٣}، جاء مفسراً في قوله تعالى: [إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ] {القدر: ١}

[ب- تفسير القرآن بالسنة]

ومثال ذلك ما ورد عن ابن مسعود - (رضي الله تعالى عنه- قال: "لمَّا نزل قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَم يَلبِسُوا إِيمَنَهُم بِظُلمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمنُ وَهُم مُّهتَدُونَ {[الأنعام: ٨٢]، شق ذلك على أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقالوا: يا رسول الله: أينا لم يظلم نفسه؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ليس ذاك إنما هو الشرك ألم تسمعوا قولَ لقمان لابنه: [وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ] {لقمان: ١٣} " (٣).

وفسر النبي -صلى الله عليه وسلم- الصلاة الوسطى بصلاة العصر، فعن عبد اللَّه بن مسعود -رضي الله تعالى عنه- قال: حَبَسَ الْمُشْرِكُونَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ


(١) التبيان في علوم القرآن، محمد بن علي الصابوني ص ٧٥، دار الإرشاد- بيروت، ط/الأولى ١٣٩٠ هـ.
(٢) علوم القرآن الكريم ص ٧٥، د/ نور الدين عترة، دمشق- الصباح، ط/ السادسة ١٤١٦ هـ.
(٣) البخاري مع الفتح، باب: لا تشرك بالله ٨/ ٦٥١، مكتبة دار السلام، ط/الأولى ١٤١٨ هـ، ومسلم مع شرح النووي، باب: صدق الإيمان ١/ ٨٠، برقم (٣٢٣)، دار المعرفة، ط/ الثانية ١٤١٥ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>