للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقاعدة الحاسمة للخروج من هذا الخلاف: القراءة المتواترة هى الأصل، لأنها قرآن مقطوع به، فلا تقوى على معارضتها قراءة شاذة، ولايخفى بأن التواتر أقوى طرق الإثبات، ولذلك فإنه يفيد اليقين والقطع، والمتواتر: هو ما رواه جمع عن جمع تحيل العادة تواطؤهم على الكذب، وأما القراءة الشاذة فهى التى اختل فيها ركن من أركان القراءة الصحيحة التى سبق ذكرها وهى:

١ - صحة السند.

٢ - موافقة اللغة العربية، ولو بوجه.

٣ - موافقة أحد المصاحف العثمانية، ولو احتمالاً.

فمتى اختل ركن من هذه الأركان، فهى القراءة الشاذة.

وقيل: الشاذ هو ما صح سنده، وخالف الرسم والعربية مخالفة تضر، أو لم تشتهر عند القراء. (١) وقد يطلق الشاذ ويراد به كل ما لا يقرأ به من أنواع القراءات.

وقولنا فى القاعدة: "فلا تقوى على معارضتها قراءة شاذة" يخرج ما إذا كانت الشاذة، مؤيدة للمتواترة، فإنه يجوز ذكرها على سبيل الاستشهاد والبيان للقراءة المتواترة (٢)، وكون القراءة الشاذة، لا تقوى على معارضة المتواترة، مما لا يمارى فيه، بل إن كثيراً من الأصوليين، لم يعتبرها حجة حتى فى مقام عدم المعارضة.

[تاسعا: - الإسرائيليات]

هي القصص والأخبار اليهودية والنصرانية التي تسربت إلى المجتمع الإسلامي عن طريق من أسلم من أهل الكتاب حقيقة أو تظاهر بالدخول في الإسلام وسميت بالإسرائيليات لتغليب اللون اليهودي فيها حيث إن أكثرها جاء عن اليهود ولتخالطهم بالمسلمين في المجتمع المدني أكثر من النصارى ولأن النصارى يُعتبروا تبعاً لليهود، لذلك سميت بالإسرائيليات.

وقد بدأ اليهود بالدس منذ الأيام الأولى لدخول الإسلام في المدينة المنورة فأدخلوا ثقافتهم وثقافات أخرى وظهر أثر هذه الثقافات في العقلية المسلمة مع بقاء الروايات الإسرائيلية هي الظاهرة وخاصة فيما يتعلق بتفسير القرآن الكريم.

وكانت الثقافة اليهودية تتمثل في التوراة وبما تحويه من الأسفار الموسوية وتسمى بالعهد القديم وهذه حُرفت وتمّ فيها التغيير والتبديل والقرآن الكريم يشهد بذلك قال تعالى: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [المائدة: ١٣].

وكان لليهود بجانب التوراة سنن ونصائح وشروح لم تؤخذ عن موسى - عليه السلام - بطريق الكتابة وإنما أُخذت بطريق المشافهة إلا أنها حُرفت بالزيادة عليها والنقص منها، مثلها مثل التوراة في ذلك، قال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ} [البقرة: ٧٩]، ثم دونت مع الزمن وعرفت بالتلمود، وكان يوجد بجانب ذلك الكثير من الأدب والقصص والتاريخ والتشريع والأساطير اليهودية.


(١) التحبير للسيوطى: ص ٦٩.
(٢) أنظر: أضواء البيان: ١/ ٧، معترك الأقران - ١/ ١٢٧، ١٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>