للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٢ - تفسير القرآن بالسنة]

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مقدمته في أصول التفسير: "إن أصح طرق التفسير يُفسّر القرآن بالقرآن، فما أجمل في مكان فإنه قد يفسر في موضع آخر، وما اختصر في مكان فقد بُسط في موضع آخر، فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة، فإنها شارحة للقرآن موضحة له" (١).

وقد فسر الرسول -صلى الله عليه وسلم- {كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ} [إبراهيم: ٢٤] بأنها النخلة.

وكما فسر الزيادة {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: ٢٦]، بأنها النظر إلى وجه الله الكريم.

وقال الزركشي: "لطالب التفسير مآخذ كثيرة أمهاتها أربعة: الأول: النقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا هو الطراز الأول، ولكن يجب الحذر من الضعيف فيه والموضوع؛ فإنه كثير. وإن سواد الأوراق سواد في القلب" (٢).

[٣ - الانتفاع بتفسير الصحابة والتابعين]

الصحابة هم تلاميذ المدرسة النبوية، تربوا في حجر الرسول? وسمعوا منه وشاهدوا التنزيل، هذا مع كونهم أصحاب اللغة والبيان، فإذا صح عنهم التفسير أخذنا به خاصة إن أجمعوا عليه، وإن اختلفوا فقد أتاحوا لنا أن نتخير من بين آرائهم ما نراه أقرب إلى السداد.

قال ابن تيمية: "إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة، رجعت في ذلك إلى أقوال الصحابة فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوه من القرائن والأحوال التي اختصوا بها ولِمَا هم عليه من الفهم التام والعلم الصحيح ولا سيما علماؤهم وكبراؤهم وكالأئمة الأربعة والخلفاء الراشدين والأئمة المهديين، وعبد الله بن مسعود الذي قال: والذي لا إله غيره ما نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت، وفيم نزلت، وكان الرجل منهم إذا تعلّم عشر آيات، لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن، وهذا حبر الأمة عبد الله بن عباس، ترجمان القرآن ببركة دعاء رسول الله-صلى الله عليه وسلم- اللهم فقهه في الدين وعلَّمه التأويل" (٣).

قال الزركشي: " الثاني: الأخذ بقول الصحابي؛ فإن تفسيره عندهم بمنزلة المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، كما قاله الحاكم في تفسيره ... إلى أن قال: وفي الرجوع إلى أقوال التابعين روايتان عن أحمد، واختار ابن عقيل المنع، وحكوه عن شعبة، لكن عمل المفسرين على خلافه، وقد حكوا في كتبهم أقوالهم ... وغالب أقوالهم تلقوها من الصحابة، ولعل اختلاف الرواية عن أحمد إنما هو فيما كان من أقوالهم وآرائهم" (٤).

[٤ - الأخذ بمطلق اللغة]

إن القرآن نزل {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: ١٩٥ [، فيجب أن يُفسر اللفظ بحسب ما تدل عليه اللغة العربية واستعمالاتها وما يوافق قواعدها ويناسب بلاغة القرآن المعجز، هذا مع أن الألفاظ منها ما جاء على سبيل المجاز ومنها ما هو مشترك يدل على أكثر من معنى،


(١) مقدمة في أصول التفسير: ٩٣.
(٢) البرهان: ١٥٦.
(٣) مقدمة في أصول التفسير: ٩٤.
(٤) البرهان في علوم القرآن: ١/ ١٥٦ - ١٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>