للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما النصارى فتتمثل ثقافتهم في الأناجيل المعتبرة عندهم ورسائل الرسل وتسمى جميعاً بالعهد الجديد، أما الكتاب المقدس فهو يعني عندهم التوراة والإنجيل ويسمى بالعهد القديم والعهد الجديد.

[أسباب دخول الإسرائيليات في المجتمع الإسلامي]

١ - لقد تناول القرآن الكريم العديد من قصص الأنبياء والأمم السابقة والحوادث التي مرّت في الأزمنة الغابرة بصورة من الإيجاز مع التركيز على جانب الموعظة والعبرة من ذلك القصص دون أن يذكر التفاصيل ودقائق القصة، والنفس البشرية تميل دائماً إلى معرفة التفاصيل ودقائق تتعلق بالقصص القرآني، لذلك عندما سألوا أهل الكتاب فأجابوهم بما هو موجود في التوراة والإنجيل.

٢ - إسلام العديد من أهل الكتاب ودخول في الدين الإسلامي ساهم مساهمة حقيقية في إدخال الكثير من الروايات الإسرائيلية إلى المجتمع الإسلامي وخاصة أنه? أمر بالحديث عنهم فقال: "بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج" أي حدثوا عنهم بما يتفق وحدود الشريعة الإسلامية وضمن الشروط الواجبة في الأخذ عن أهل الكتاب.

ومرت فترة على المجتمع الإسلامي دخل فيها كثير من المرويات الإسرائيلية دون التقيد بالقيود التي وضعها الإسلام فتسرب الضعيف والمكذوب والمخالف لشرعنا الإسلامي وغيره وخاصة في أواخر عهد التابعين.

[حكم الإسرائيليات]

يأخذ ما ورد عن أهل الكتاب من إسرائيليات حكماً من الأحكام الثلاثة الآتية: -

١ - إن كانت الرواية عن أهل الكتاب مصدقة لما عندنا فنصدقها ونأخذها للاستئناس لا للاستدلال ونعتبرها من الثقافة الإسلامية.

٢ - وإن كانت الرواية الإسرائيلية تُكذب ما عندنا فنكذبها ونضرب بها عرض الحائط لأنها مخالفة لما جاء في شريعتنا الإسلامية.

٣ - أما إذا كانت الرواية الإسرائيلية لا توافق ولا تعارض ما عندنا فنتوقف حينئذٍ فلا نصدقها ولا نكذبها خوفاً من أن نصدق بكذب وباطل ولا نكذبها خوفاً من أن نكذب بصدق وحق عملاً بقول الرسول-صلى الله عليه وسلم-: "لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا" (١).

[عاشرا: تفسير القرآن وشرفه]

التفسير كشف معاني القرآن وبيان المراد منه وهو أجل العلوم الشرعية وأشرف صناعة يتعاطاها الإنسان وأرفعها قدرا وهو أشرف العلوم موضوعا وغرضا وحاجة إليه لأن موضوعه كلام الله الذي هو ينبوع كل حكمة ومعدن كل فضيلة، ولأن الغرض منه هو الاعتصام بالعروة الوثقى والوصول إلى السعادة الحقيقية وإنما اشتدت الحاجة إليه لأن كل كمال ديني أو دنيوي لا بد وأن يكون موافقا للشرع وموافقته تتوقف على العلم بكتاب الله تعالى ويجب أن يعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بين للأمة معاني القرآن كما بين ألفاظه كما قال تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}


(١) فتح الباري - ج ٨ ص ١٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>