للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وينبغي أن يعلم أن الأصل حمل الكلام على الحقيقة، ولا يعدل عنها إلى المجاز إلا بقرينة (تدل دلالة معتبرة على المعنى)، ومما يعين المفسر للقرآن على حسن الفهم أن يتتبع الكلمة القرآنية في مواردها المختلفة في القرآن حتى يتبين له حقيقة معناها مثل كلمة (عين) لها عدة معانٍ حسب موقعها في الجملة، تأتي بمعنى عين الماء - والجاسوس - والعين المبصرة، فكل مفردة في القرآن تؤدي معنى تام حسب السياق الذي وضعت فيه.

[٥ - مراعاة السياق]

ومن الضوابط الهامة في حسن فهم القرآن وصحة تفسيره مراعاة سياق الآية في موقعها من السورة وسياق الجملة في موقعها من الآية، فيجب أن تُربط الآية بالسياق الذي وردت فيه ولا تُقطع عما قبلها وما بعدها.

فالكلمة الواحدة قد ترد في القرآن لعدة معانٍ مختلفة وإنما يتحدد المعنى المراد منها في كل موقع بالسياق، والمقصود بالسياق ما قبل الكلمة وما بعدها فمثلاً: كلمة الكتاب تأتي بمعنى القرآن، وتأتي بمعنى النص القرآني، وتأتي بمعنى اللوح المحفوظ.

وكذلك معنى كلمة (آية) تأتي بمعنى العلامة أو الآية المنزلة أو المعجزة والآية الدالة على صدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والسياق هو الذي يحدد المعنى المراد من كلمة آية.

٦ - الاهتمام بعلوم القرآن إجمالاً وخاصة سبب النزول:

من المعالم المهمة في فهم القرآن وتفسيره ملاحظة أسباب النزول فمن المقرر لدى العلماء أن القرآن نزل على قسمين: قسم نزل ابتداء بدون سبب خاص، وإنما لتوضيح معنى الهداية في حياة الناس وقسم نزل لسبب خاص وهذا القسم الأخير هو الذي يبحث عن سبب نزوله، لأن معرفة الأسباب والملابسات المحيطة بالنص تساعد على فهم المراد منه، يقول ابن دقيق العيد: بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معاني القرآن.

٧ - اعتبار القرآن أصلاً يرجع إليه:

إن الله تبارك وتعالى أنزل القرآن الكريم ليكون متبوعاً لا تابعاً وينبغي على من يريد فهم القرآن وتفسيره أن يتحرر من اعتقاداته وأفكاره وأهوائه، بل يجب أن يكون موقفه من القرآن موقف المتلقي الذي يهتدي بهداه، وينظر إليه على أنه الأصل الذي يرجع إليه (١).

[حادي عشر: - إعجاز القرآن]

الإعجاز لغة: أصله التأخر عن الشيء، وهو ضد القدرة، بمعنى الضعف، يقال: أعجزه الأمر إذا حاوله فلم يستطعه ولم تتسع له قدرته وجهده (٢) يقول تعالى: {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ [سبأ: ٥].


(١) انظر هذا الموضوع بالتفصيل في كتاب: كيف نتعامل مع القرآن الكريم - أ. د. يوسف القرضاوي من ص ٢٥٠ - ٣٠٠.
(٢) لسان العرب لابن منظور - ح ٧/ ٢٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>