للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صلى الله عليه وسلم - فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ فَأَخْبَرْتُ عَمِّي فَانْطَلَقَ فَأَخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَحَلَفَ وَجَحَدَ قَالَ: فَصَدَّقَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَذَّبَنِي، قَالَ: فَجَاءَ عَمِّي إِلَيَّ فَقَالَ: مَا أَرَدْتَ إِلَّا أَنْ مَقَتَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَذَّبَكَ وَالْمُسْلِمُونَ، قَالَ: فَوَقَعَ عَلَيَّ مِنْ الْهَمِّ مَا لَمْ يَقَعْ عَلَى أَحَدٍ، قَالَ: فَبَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفَرٍ قَدْ خَفَقْتُ بِرَأْسِي مِنْ الْهَمِّ إِذْ أَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَعَرَكَ أُذُنِي وَضَحِكَ فِي وَجْهِي فَمَا كَانَ يَسُرُّنِي أَنَّ لِي بِهَا الْخُلْدَ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَحِقَنِي فَقَالَ: مَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ قُلْتُ: مَا قَالَ لِي شَيْئًا إِلَّا أَنَّهُ عَرَكَ أُذُنِي وَضَحِكَ فِي وَجْهِي، فَقَالَ: أَبْشِرْ ثُمَّ لَحِقَنِي عُمَرُ فَقُلْتُ لَهُ مِثْلَ قَوْلِي لِأَبِي بَكْرٍ فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سُورَةَ الْمُنَافِقِينَ " (١).

وفي ذلك دليل على نزولها ليلاً وتلاوتها للناس بعد أن أصبحوا. والله أعلم.

عاشراً: سورة المرسلات:

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَارٍ فَنَزَلَتْ وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا فَإِنَّا لَنَتَلَقَّاهَا مِنْ فِيهِ إِذْ خَرَجَتْ حَيَّةٌ مِنْ جُحْرِهَا فَابْتَدَرْنَاهَا لِنَقْتُلَهَا فَسَبَقَتْنَا فَدَخَلَتْ جُحْرَهَا فَقَال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "وُقِيَتْ شَرَّكُمْ كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا " (٢).

وفي رواية أخرى له في البخاري: "قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَارٍ بِمِنًى إِذْ نَزَلَ عَلَيْهِ وَالْمُرْسَلاتِ وَإِنَّهُ لَيَتْلُوهَا وَإِنِّي لَأَتَلَقَّاهَا مِنْ فِيهِ وَإِنَّ فَاهُ لَرَطْبٌ بِهَا إِذْ وَثَبَتْ عَلَيْنَا حَيَّةٌ فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: اقْتُلُوهَا فَابْتَدَرْنَاهَا فَذَهَبَتْ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: وُقِيَتْ شَرَّكُمْ كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا" (٣).

قال السخاوي في جمال القراء: " روي عن ابن مسعود أنها نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن بحراء " (٤).

قال السيوطي: " قلت هذا أثر لا يعرف ثم رأيت في صحيح الإسماعيلي وهو مستخرجه على البخاري أنها نزلت ليلة عرفة بغار منى، وهو في الصحيحين بدون قوله ليلة عرفة، والمراد بها ليلة التاسع من ذي الحجة فإنها التي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبيتها بمنى " (٥).

فإن صحت هذه الرواية تكون دليلاً على نزولها ليلاً. والله أعلم.

وقد ذكر أبو القاسم الحسن بن محمد النيسابوري (ت ٤٠٦) في كتابه التنبيه على فضل علوم القرآن من وجوه شرف علوم القرآن؛ معرفة تفصيل نزول القرآن الكريم زمانا، ومكانا، وأوصافا. فقال:

"من أشرف علوم القرآن علم نزوله وجهاته، وترتيب ما نزل بمكة والمدنية، وما نزل بمكة وحكمه مدني، وما نزل بالمدينة وحكمه مكي، وما نزل بمكة في أهل المدينة، وما نزل بالمدينة في أهل مكة، وما يشبه نزول المكي في المدني، وما يشبه نزول المدني في المكي، وما نزل بالجحفة، وما نزل ببيت المقدس، وما نزل بالطائف، وما نزل بالحديبية، وما نزل ليلا، وما نزل نهارا، وما نزل مشيعا، وما نزل مفردا، والآيات المدنيات، وما حمل من مكة إلى المدينة، وما


(١) أخرجه الترمذي ح رقم ٣٣١٣، والطبراني في المعجم الكبير ح ٥٠٤١، وابن أبي شيبة في مسنده ح رقم ٥٢١ وقَالَ الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وقال الألباني في حكمه على أحاديثه: صحيح الإسناد.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: الحج، باب: خَمْسٌ مِنْ الدَّوَابِّ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الْحَرَمِ ح رقم ٣٣١٧.
(٣) أخرجه البخاري في كتاب: الحج، باب: مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنْ الدَّوَابِّ ح رقم ١٨٣٠.
(٤) جمال القراء وكمال الإقراء (١/ ١٤٦).
(٥) الإتقان في علوم القرآن (١/ ٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>