للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا} [آل عمران: ١٦]، " الذين يقولون: ربنا إننا صدّقنا بك وبنبيك وما جاء به من عندك" (١).

قال ابن كثير: " أي: [صدّقنا] بك وبكتابك وبرسولك" (٢).

قال الراغب الأصفهاني: " {الَّذِينَ} جرّ صفة للعباد، أو رفع على تقدير: هم الذين، أو نصب على المدح، وقوله: (يَقُولُونَ) ليس يعني أن ذلك منهم بالقول فقط، بل باعتقادهم وفعلهم" (٣).

قوله تعالى: {فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا} [آل عمران: ١٦]، أي: " فاستر علينا ذنوبنا، بعفوك عنها، وتركك عقوبتنا عليها" (٤).

قال ابن كثير: " أي: بإيماننا بك وبما شرعته لنا فاغفر لنا ذنوبنا وتقصيرنا من أمرنا بفضلك ورحمتك" (٥).

قوله تعالى: {وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران: ١٦]، أي: " ونجنا من عذاب النار" (٦).

قال الحاكم: "في الآية دلالة على أنه يجوز للداعي أن يذكر طاعاته وما تقرب به إلى الله، ثم يدعو ويؤيده ما في الصحيحين من حديث أصحاب الغار (٧)، وتوسل كل منهم بصالح عمله، ثم تفريج الباري تعالى عنهم" (٨).

قال السعدي: " توسلوا بمنة الله عليهم بتوفيقهم للإيمان أن يغفر لهم ذنوبهم ويقيهم شر آثارها وهو عذاب النار" (٩).

الفوائد:

١ - إن من صفات المؤمنين إعلانهم الإيمان بالله، واعترافهم بالعبودية له، والقول هنا باللسان ويكون بالقلب، ويصدقه العمل.

٢ - جواز التوسل بالإيمان، لقوله: {رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}، فإن الفاء هنا سببية، أي ان مابعدها سبب عما قبلها.

٣ - ومن الفوائد: الشعور بالتقصير وعدم الإعجاب بالنفس، لأن التقوى لاتعصم العبد من الذنوب، بل قد يكون له ذنوب، لكن المتقي يبادر بالتوبة إلى الله تعالى.

٤ - ومن الفوائد: إثبات عذاب النار، لقوله: {وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.

القرآن

{الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ (١٧)} [آل عمران: ١٧]

التفسير:

هم الذين اتصفوا بالصبر على الطاعات، وعن المعاصي، وعلى ما يصيبهم من أقدار الله المؤلمة، وبالصدق في الأقوال والأفعال وبالطاعة التامة، وبالإنفاق سرا وعلانية، وبالاستغفار في آخر الليل; لأنه مَظِنَّة القبول وإجابة الدعاء.

قوله تعالى: {الصَّابِرِين} [آل عمران: ١٧]، أي: الصابرين " في البأساء والضراء وحين البأس" (١٠).

قال قتادة: "، قوم صبروا على طاعة الله، وصَبروا عن محارمه" (١١).

قال ابن كثير: " أي: في قيامهم بالطاعات وتركهم المحرمات" (١٢).


(١) تفسير الطبري: ٦/ ٢٦٣.
(٢) تفسير ابن كثير: ٢/ ٢٣.
(٣) تفسير الراغب الأصفهاني: ٢/ ٤٥٨.
(٤) تفسير الطبري: ٦/ ٢٦٣.
(٥) تفسير ابن كثير: ٢/ ٢٣.
(٦) صفوة التفاسير: ١٧٢.
(٧) أخرجه البخاري في: البيوع، ٩٨ - باب إذا اشترى شيئا لغيره بغير إذنه فرضي.
(٨) محاسن التأويل: ٢/ ٢٩٣.
(٩) تفسير السعدي: ١٢٤.
(١٠) تفسير الطبري: ٦/ ٢٦٤.
(١١) أخرجه الطبري (٦٧٥٢): ص ٦/ ٢٦٤ - ٢٦٥.
(١٢) تفسير ابن كثير: ٢/ ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>