للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ} [آل عمران: ٢٦]، "أي تعطي العزة لمن تشاء والذلة لمن تشاء" (١).

قوله تعالى: {بِيَدِكَ الخير إِنَّكَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران: ٢٦]، " أي: بيدك وحدك خزائن كل خير وأنت كل على كل شيء قدير" (٢).

أخرج ابن أبي حاتم بسنده عن محمد بن إسحاق: قوله" {بِيَدِكَ الخير}، أي: لا إلى غيرك" (٣)، {إِنَّكَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، أي: " أي: لا يقدر على هذا غيرك بسلطانك وقدرتك" (٤).

الفوائد:

١ - من فوائد الآية الكريمة: تفويض الأمر إلى الله، لقوله: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْك}، والخطاب الموجه للرسول-صلى الله عليه وسلم- موجه لأمته إما عن طريق التأسي، وإما لأنه الإمام، والخطاب للإمام خطاب له ولمن اتبعه.

٢ - ومنها: بيان تمام ملك الله وسلطانه، لقوله: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْك}، ولكونه يعطي الملك من يشاءه، وينزعه بعد ثبوته ممن يشاء، لقوله: {تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ}، ولكون العزة من عنده، لقوله: {وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ}، عليه فإن الإعزاز والإذلال بيد الله وحده، ولا تطلب العزة إلا منه تعالى، ومن ابتغى العزة من غير الله فهو ذليل.

٣ - أنه تعالى يؤتي الملك من يشاء، لقوله {تُؤْتِي الملك من تشاء}.

٤ - ومنها: أن ملك المخلوقين ليس ملكا استقلاليا وإنما هو ملك بإعطاء، لقوله: {تُؤْتِي الملك}، والملك بإعطاء لاشك بأنه ناقص عن ملك المعطي.

٥ - إثبات المشيئة لله تعالى في قوله {تُؤْتِي الملك}، وكل أمر قرنه الله بالمشيئة، فإنه مبني على الحكمة، متى اقتضته شاءه الله، ودليل ذلك قوله تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [الإنسان: ٣٠].

٦ - ومنها: أن الخير بيد الله، لقوله: {بِيَدِكَ الْخَيْرُ}، فلا يطلب الخير إلا منه تعالى.

٧ - ومنها: ان الشر لا يضاف إلى الله، وإن كان تعالى هو الذي خلق كل شيء، لأن أفعاله كلها خير، والشر في المفعولات، ثم ان هذا الشر في المفعولات قد يكون خيرا فكم من مرض صار سببا لصحة الجسم، وكم من آفات في الزروع وغيرها صارت اسبابا للنمو الاقتصادي من جهة اخرى.

٨ - ومنها: عموم قدرة الله، لقوله: {إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، وهذا يشمل ما كان من أفعاله وما كان من افعال الخلق، فيكون في ذلك الرد على القدرية الذين يرون بان الله لا يخلق أعمال العباد ولا يريدها، وأن الانسان مستقبل بإرادته وعمله، فإذا كانت بقدرة الله، قلنا: يلزم أن يكون مرادا ومخلوقا لله، لأنه مادام الأمر بقدرته، فلابد أن يكون مخلوقا له، ومرادا له.

القرآن

{تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (٢٧)} [آل عمران: ٢٧]

التفسير:

ومن دلائل قدرتك أنك تُدخل الليل في النهار، وتُدخل النهار في الليل، فيطول هذا ويقصر ذاك، وتُخرج الحي من الميت الذي لا حياة فيه، كإخراج الزرع من الحب، والمؤمن من الكافر، وتُخرج الميت من الحي كإخراج البيض من الدجاج، وترزق من تشاء مَن خلقك بغير حساب.

قوله تعالى: {تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ} [آل عمران: ٢٧]، أي: " أي تدخل الليل في النهار كما تدخل النهار في الليل، فتزيد في هذا وتنقص في ذاك والعكس" (٥).


(١) صفوة التفاسير: ١٧٧.
(٢) صفوة التفاسير: ١٧٧.
(٣) تفسير ابن أبي حاتم (٣٣٥٥): ص ٢/ ٦٢٥.
(٤) تفسير ابن أبي حاتم (٣٣٥٦): ص ٢/ ٦٢٥.
(٥) صفوة التفاسير: ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>