للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو سليمان: " العليم: هو العالم بالسرائر والخفيات التي لا يدركها علم الخلق، وجاء على بناء: فعيل، للمبالغة في وصفه بكمال العلم" (١).

جاء في الحديث: " اللهم إني أستخيرك بعلمك" (٢).

وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما وقول الخضِر لموسى عليهما السلام: "إنك على علمٍ من علم الله علمكه الله لا أعلمه، وأنا على علمٍ من علم الله علمنيه لا تعلمه" (٣).

القرآن

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا (٧١)} [النساء: ٧١]

التفسير:

يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم بالاستعداد لعدوكم، فاخرجوا لملاقاته جماعة بعد جماعة أو مجتمعين.

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [النساء: ٧١]، " أي: يا أيها الذين آمنوا بالله وصدقوا رسوله" (٤).

قال ابن عباس: " ما أنزل الله آية في القرآن، يقول فيها: {يا أيها الذين آمنوا}، إلا كان على شريفها وأميرها" (٥).

وعن خيثمة قال: "ما تقرأون في القرآن: {يا أيها الذين آمنوا}، فإنه في التوراة: يا أيها المساكين" (٦).

كما أن تصدير الحكم بالنداء دليل على الاهتمام به؛ لأن النداء يوجب انتباه المنادَى؛ ثم النداء بوصف الإيمان دليل على أن تنفيذ هذا الحكم من مقتضيات الإيمان؛ وعلى أن فواته نقص في الإيمان" (٧).

قال ابن مسعود رضي الله عنه: "إذا سمعت الله يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فأرعها سمعك [يعني استمع لها]؛ فإنه خير يأمر به، أو شر ينهى عنه" (٨).

قوله تعالى: {خُذُوا حِذْرَكُمْ} [النساء: ٧١]، أي: " احترزوا من عدوكم واستعدوا له" (٩).

قال مقاتل: " يعني: عدتكم من السلاح" (١٠).

قال الزمخشري: أي: " احذروا واحترزوا من العدو ولا تمكنوه من أنفسكم" (١١).

قال السمعاني: " أي: عدتكم، والحذر: ما يتقى به من العدو، نحو العدة والسلاح" (١٢).

قال الزجاج: " أمر الله أن لا يلقي المؤمنون بأيديهم إلى التهلكة وأن يحذروا عدوهم وأن يجاهدوا في الله حق الجهاد، ليبلو الله الأخيار وضمن لهم مع ذلك النصر، لأنه لو تولى الله تعالى قتل أعدائه بغير سبب للآدميين لم يكونوا مثابين، ولكنه أمر أن يؤخذ الحذر" (١٣).

قال ابن كثير: " يأمر الله عباده المؤمنين بأخذ الحذر من عدوهم، وهذا يستلزم التأهب لهم بإعداد الأسلحة والعدد وتكثير العدد بالنفير في سبيله" (١٤).

قوله تعالى: {فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا} [النساء: ٧١]، " أي: اخرجوا إِلى الجهاد جماعات متفرقين، سريةً بعد سرية أو اخرجوا مجتمعين في الجيش الكثيف" (١٥).

قال ابن عباس: يقول: عصبًا، يعني: سَرايَا متفرقين، {أو انفروا جميعًا}، يعني: كلكم" (١٦).


(١) الاسماء والصفات للبيهقي: ١/ ١٢١.
(٢) رواه البخاري (٦٣٨٢).
(٣) رواه البخاري (١٢٢)، ومسلم (٤٣٨٥).
(٤) تفسير المراغي: ١١/ ٤٣، وانظر: صفوة التفاسير: ٢/ ٤٨٧.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم (١٠٣٥): ص ١/ ١٩٦، و (٥٠٢٥): ص ٣/ ٩٠٢
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم (٥٠٢٦): ص ٣/ ٩٠٢.
(٧) انظر: تفسير ابن عثيمين: ١/ ٣٣٧.
(٨) أخرجه ابن أبي حاتم (١٠٣٧): ص ١/ ١٩٦، و (٥٠٢٧): ص ٣/ ٩٠٢
(٩) صفوة التفاسير: ٢٦٥.
(١٠) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٨٨.
(١١) الكشاف: ١/ ٥٣٢.
(١٢) تفسير السمعاني: ١/ ٤٤٦.
(١٣) معاني القرآن: ٢/ ٧٤.
(١٤) تفسير ابن كثير: ٢/ ٣٥٧.
(١٥) صفوة التفاسير: ٢٦٥.
(١٦) أخرجه الطبري (٩٩٢٩): ص ٨/ ٥٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>