للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأجاب رحمه الله تعالى: " اللحوم التي تأتي من أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى: الأصل فيها الحل، كما أن اللحوم التي تأتي من البلاد الإسلامية الأصل فيها الحل أيضاً، وإن كنا لا ندري كيف ذبحوها، ولا ندري هل سموا الله عليها أم لا؛ لأن الأصل في الفعل الواقع من أهله أن يكون واقعاً على السلامة وعلى الصواب حتى يتبين أنه على غير وجه السلامة والصواب. ودليل هذا الأصل ما ثبت في صحيح البخاري في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: إن قوماً قالوا يا رسول الله إن قوماً يأتوننا باللحم، لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «سموا أنتم وكلوا» (١). قالت: وكانوا حديثي عهد بكفر.

ففي هذا الحديث: دليل على أن الفعل إذا وقع من أهله فإنه لا يلزمنا أن نسأل هل أتى به على الوجه الصحيح أم لا؟

وبناء على هذا الأصل: فإن هذه اللحوم التي تردنا من ذبائح أهل الكتاب: حلال، ولا يلزمنا أن نسأل عنها، ولا أن نبحث.

لكن لو تبين لنا أن هذه اللحوم الواردة بعينها تذبح على غير الوجه الصحيح فإننا لا نأكلها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل إلا السن والظفر أما السن فعظم وأما الظفر مدى الحبشة» (٢).

ولا ينبغي للإنسان أن يتنطع في دينه فيبحث عن أشياء لا يلزمه البحث عنها، ولكن إذا بان له الفساد، وتيقنه: فإن الواجب عليه اجتنابه.

فإن شك وتردد: هل تذبح على طريق سليم أم لا؟

فإن لدينا أصلين: الأصل الأول: السلامة، والأصل الثاني: الورع؛ فإذا تورع الإنسان منها، وتركها: فلا حرج عليه. وإن أكلها: فلا حرج عليه " (٣).

٣ - ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات هذين الاسمين الكريمين: «الغفور»، و «الحليم»؛ وما تضمناه من صفة، وفعل.


(١) سبق تخريجه.
(٢) صحيح مسلم (١٩٦٨): ص ١٣/ ١٠٦.
(٣) نور على الدرب" ابن عثيمين: ٢٠/ ٢ [شاملة].

<<  <  ج: ص:  >  >>