للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الإمام الطبري -رحمه الله-: "تأويلُ القرآن غيرُ مدرك إلا ببيان من جعل الله إليه بيان القرآن" (١).

وقال ابن تيمية -رحمه الله-: "اتفق الصحابة والتابعون لهم بإحسان وسائر أئمة الدين؛ أن السنة تُفَسِّر القرآن، وتبينه، وتدل عليه، وتعبر عن مجمله" (٢).

وقال الشاطبي -رحمه الله-: "لا ينبغي في الاستنباط من القرآن الاقتصار عليه دون النظر في شرحه وبيانه، وهو: السنة" (٣).

ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه" (٤)، قال ابن القيم -رحمه الله- معلقا على الحديث: "هذا هو السنة بلا شك" (٥)، وقال ابن كثير: "يعني: السنة، والسنة أيضا تنزل عليه بالوحي، كما ينزل القرآن؛ إلا أنها لا تتلى كما يتلى القرآن" (٦)، إلا أنها لا تتلى كما يتلى القرآن، وقد استدل الإمام الشافعي، رحمه الله وغيره من الأئمة على ذلك بأدلة كثيرة ليس هذا موضع ذلك.

والغرض أنك تطلب تفسيرَ القرآن منه، فإن لم تجدْه فمن السنة، كما قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: "بم تحكم؟ ". قال: بكتاب الله. قال: "فإن لم تجد؟ ". قال: بسنة رسول الله. قال: "فإن لم تجد؟ ". قال: أجتهد برأيى. قال: فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدره، وقال: "الحمد لله الذي وفَّق رَسُولَ رسولِ الله لما يرضى رسول الله" (٧)، وهذا الحديث في المساند والسنن بإسناد جيد، كما هو مقرر في موضعه، وحينئذ،


(١) تفسير الطبري ٢: ١٨١.
(٢) مجموع الفتاوى ١٧: ٤٣٢.
(٣) الموافقات ٣: ٣٦٩.
(٤) رواه الإمام أحمد في المسند (٤/ ١٣١)، وأبو داود في السنن برقم (٤٦٠٤)، والبيهقي في السنن الكبرى ٩/ ٣٣٢، والطبراني في "الكبير" (٢٠/ ٢٨٣)، والمروزي في السنة (٤٠٣، ٢٤٤)؛ والخطيب في الكفاية (١/ ٨٠)؛ وابن عبد البر في التمهيد (١/ ١٤٩ - ١٥٠)، وابن حبان في صحيحه كما في الإحسان ١/ ١٨٨ رقم (١٢)، والطحاوي في (شرح معاني الآثار) ٤/ ٢٠٩، من حديث المقدام بن معدى كرب، رضي الله عنه، وصححه العلامة الألباني في "مشكاة المصابيح" (١/ ٥٧/ ١٦٣).
(٥) التبيان في أقسام القرآن ص ١٥٦.
(٦) تفسير ابن كثير: ١/ ٧.
(٧) رواه الإمام أحمد في المسند (٥/ ٢٣٠) وأبو داود في السنن برقم (٣٥٩٢) والترمذي في السنن برقم (١٣٢٨) من طرق عن شعبة عن أبي عون عن الحارث بن عمرو عن ناس من أصحاب معاذ عن معاذ به، وقال الترمذي: "هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وليس إسناده عندي بمتصل، وأبو عون الثقفي اسمه محمد بن عبيد الله". وللشيخ ناصر الألباني مبحث ماتع بين فيه كلام العلماء في نقد الحديث. انظر: السلسلة الضعيفة برقم (٨٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>