للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ} [البقرة: ١٢٣]، "أي لا يقبل من نفس عن نفس شفاعة" (١).

قال الصابوني: " أي لا تفيدها شفاعة أحد، لأنها كفرت بالله" (٢).

قال المراغي: أي: " ولا يشفع فيما وجب عليها من حقّ شافع، وقد كانوا يعتقدون بالمكفّرات تؤخذ فدية عما فرطوا فيه، وبشفاعة أنبيائهم لهم، فأخبرهم الله أنه لا يقوم مقام الاهتداء به شاء آخر" (٣).

قال ابن أبي زمنين: " أي: إن الشفاعة لا تكون إلا للمؤمنين" (٤).

قال ابن عطية: " وليس المعنى أنه يشفع فيهم أحد فيرد، وإنما نفى أن تكون ثم شفاعة على حد ما هي في الدنيا، وأما الشفاعة التي هي في تعجيل الحساب فليست بنافعة لهؤلاء الكفرة في خاصتهم، وأما الأخيرة التي هي بإذن من الله تعالى في أهل المعاصي من المؤمنين فهي بعد أن أخذ العقاب حقه، وليس لهؤلاء المتوعدين من الكفار منها شيء" (٥).

و"الشفاعة" هي التوسط للغير بجلب منفعة، أو دفع مضرة؛ فشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الجنة أن يدخلوا الجنة (٦)، من جلب المنفعة؛ وشفاعته فيمن استحق النار ألا يدخلها (٧)، وفيمن دخلها أن يخرج منها (٨)، من دفع المضرة؛ فيومَ القيامة لا تجزي نفس عن نفس شيئاً، ولا يقبل من نفس عن نفس شفاعة أبداً (٩).

قوله تعالى: {وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} [البقرة: ١٢٣]، " أي: لا يدفع عنهم أحد عذاب الله ولا يجيرهم من سطوة عقابه" (١٠).

قال البغوي: ولا هم" يمنعون من عذاب الله" (١١).

قال الطبري: " يعني أنهم يومئذ لا ينصرهم ناصر" (١٢).

قال المراغي: " أي إنه لا يأتيهم ناصر ينصرهم فيمنع عذاب الله عنهم إذا نزل بهم، وهذا ترهيب لمن سلفت عظتهم في الآية قبلها" (١٣).

وقد ذكروا في قوله تعالى: {وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} [البقرة: ١٢٣]، وجهين (١٤):

أحدهما: وليس لهم من الله يومئذ نصير ينتصر لهم من الله إذا عاقبهم.


(١) انظر: تفسير ابن عثيمين: ١/ ١٠٣.
(٢) صفوة التفسير: ١/ ٨١.
(٣) تفسير المراغي: ١/ ٢٠٧.
(٤) تفسير ابن أبي زمنين: ١/ ١٧٥.
(٥) المحرر الوجيز: ١/ ٢٠٥.
(٦) راجع مسلماً ص ٧١٥، كتاب الإيمان، باب ٨٥: في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا أول الناس يشفع في الجنة ... "، حديث رقم ٤٨٣ [٣٣٠] ١٩٦؛ وباب ٨٤: أدنى أهل الجنة منزلة فيها، حديث رقم ٤٨٢ [٣٢٩] ١٩٥؛ وفيه: يجمع الله تبارك وتعالى الناس، فيقوم المؤمنون حتى تزلف لهم الجنة ...
(٧) قال شيخنا محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في شرح العقيدة الواسطية: فهذه قد تستفاد من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم للمؤمنين بالمغفرة والرحمة على جنائزهم، فإنه من لازم ذلك أن لا يدخل النار كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: "اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين ... " (٢/ ١٧٧ – ١٧٨)، وذكر الحافظ ابن حجر أن دليل هذا قوله صلى الله عليه وسلم في حديث حذيفة عند مسلم: "ونبيكم على الصراط يقول: رب سلم، رب سلم" (فتح الباري ١١/ ٤٢٨)؛ مسلم ص ٧١٥، كتاب الإيمان، باب ٨٤: أدنى أهل الجنة منزلة فيها، حديث رقم ٤٨٢ [٣٢٩] ١٩٥.
(٨) راجع البخاري ص ٦٢٥ – ٦٢٦، كتاب التوحيد، باب ٣٦: كلام الرب تعالى يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم، حديث رقم ٧٥١٠؛ ومسلماً ص ٧١٤، كتاب الإيمان، باب ٨٤: أدنى أهل الجنة منزلة فيها، حديث رقم ٤٧٩ [٣٢٦] ١٩٣.
(٩) انظر: تفسير ابن عثيمين: ١/ ١٠٣.
(١٠) صفوة التفاسير: ١/ ٨١.
(١١) تفسير البغوي: ١/ ٩٠.
(١٢) تفسير الطبري: ٢/ ٣٦.
(١٣) تفسير المراغي: ١/ ٢٠٧.
(١٤) أنظر: تفسير الطبري: ٢/ ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>