للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفُرَص فيما يتعلقُ بها غيرُ مختصٍّ بِهؤلاء، بل هو عامٌّ لكل الفِرَق، والزاهدُ فيها المؤثِرُ للدين عليها هو الشاذُّ النادر، لكنَّ هؤلاء لهم مزيدُ تكالُب، وعظيمُ تهافُت، وشدةُ تهالُك، مع عَدم وقوفٍ عند حدودِ الشرع، واقتصارٍ على ما فيها مِنْ تحليل وتحريم.

ومِن أقرب حوادث الرفض في ديارنا هذه: أنه كان جماعةٌ من المتظهِّرين بالعلم، يُملُون على الناس في «جامع صنعاء» في شهر رمضانَ سنةَ ستَّ عشرةَ ومِئةٍ بعد الألف [١١١٦ هـ] في كُتب فضائل عليِّ بن أبى طالب ، وكانوا نحوَ ثلاثةٍ أو أربعة؛ كلُّ واحدٍ منهم قد اجتمع عليه جماعةٌ كثيرةٌ من العامة؛ وكان أحدهم يُملِي على كرسيٍّ مرتفع، ويُسرَجُ حولَه الشمعُ الكثير، فيَجتمعُ من الناس عددٌ كثيرٌ جدًّا لقصد الفرجة كما يُتفق في مثل هذا، وكانوا يُشرِبُون (١) المناقبَ بذكر مثالبِ بعض الصحابة، ويَحُطُّون من بعضهم، ويُصرِّحون بسبِّ البعض، ويتوجَّعون من البعض.

وكان ما يصدرُ من هؤلاء مِنْ هذه الأمور إنما هو مطابقةٌ للوزير الرافضيِّ الذي قدَّمتُ لك ذِكرَه، ولا سيَّما صاحبُ الكرسيِّ، وهذا الوزيرُ لم يكن رفضُه لوازعٍ دينيٍّ كما يَتفقُ لكثيرٍ من أهل الجهل المتعلقين بالرفض؛ فهو أنذلُ من ذاك وأقلُّ، ولكنه يَفعل ذلك مساعدةً لجماعةٍ من شياطين المتفقِّهةِ المتعصِّبةِ؛ يدخُلون إليه فيقولون: «إنه لم يَبقَ مَنْ يُحامي عن هذا الأمر سواك، وإنك ركنُ التشيع، وملجأُ أهله … »، ونحو هذه العبارات، فيبالغُ في التظهُّرِ بِهذه الخصلة، ويُحِبُّ نسبةَ ذلك إليه، فكان الرفضُ مُكمِّلًا لمثالبِه، مُتمِّمًا لمعايبه؛ لأنه في كل بابٍ من أبواب القبائح قريعُ دهره، ونَسِيجُ


(١) يُشربون: يخلطون.

<<  <   >  >>