للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأحكام في غيرها بحسب ما تبلغ إليه طاقته، ويبحثُ عن الأحاديث الخارجة عن الصحيح في المواطن التي هي مَظِنَّةٌ للكلام عليها من الشروح والتخريجات.

[علوم متنوعة]:

ويكونُ مع هذا عند ممارسته لعلم اللغة [يمارسُها] على وجهٍ يهتدي به في البحث عن الألفاظ العربية، واستخراجها من مواطنها، وعنده مِنْ علم اصطلاح الحديث، وعلم الجرح والتعديل ما يَهتدي به إلى معرفة ما يتكلَّمُ به الحُفَّاظُ على أسانيد الأحاديث ومتونها.

فمن عَلِم هذه (١) العلوم علمًا متوسطًا، يوجبُ ثبوتَ مُطلَقِ المَلَكةِ في كلِّ واحدٍ منها: صار مجتهدًا مستغنيًا عن غيره، ممنوعًا من العمل بغير الدليل، وعليه أن يبحث عند كل حادثةٍ يحتاج إليها في دينه عن أقوال أهل العلم، وكيفيةِ استدلالهم في تلك الحادثة، وما قالوه، وما رُدَّ عليهم به؛ فإنه ينتفع بذلك انتفاعًا كاملًا، ويضمُّ إلى علومه علومًا وإلى فهمِه فهومًا.

وهو وإن قصَّر عن أهل الطبقة الأولى، فليس بمُحتاجٍ فيما يتعلقُ به من أمر الدين إلى زيادةٍ على هذا المقدار.

ويختلفُ الانتفاعُ بالعلوم باختلافِ القرائح (٢) والفُهوم؛ فقد يَنتفع مَنْ هو كاملُ الذكاء، صادقُ الفهم، قويُّ الإدراك بالقليل ما لا يقتدرُ على الانتفاع بما هو أكثرُ منه كثيرٌ من جامدي الفهم راكدي الفِطنة.

* * *


(١) في المطبوع: «بِهذه»، ولعل الأصح ما أثبته. (٢) القرائح: الطبائع.

<<  <   >  >>