للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الثالث ما ينبغي لطالبِ العلم أن يتعلَّمَه

وإذ قد انتهى بنا الكلامُ في بيان الأسبابِ المانعةِ من الإنصاف إلى هذه الغاية، وتغلغل بنا البحثُ إلى ذِكر ما ذكرناه من تلك الدقائق التي ينبغي لكل عالِمٍ ومتعلِّمٍ أن تكون نُصبَ عينيه في إقدامه وإحجامه، وأن تكون ثابتةً في تصوُّره في جميع أحوالِه وما أحقَّها بذلك، وأَوْلاها بالحرص على ما هنالك! فإنها فوائدُ لا توجد في كتاب، وفرائدُ لا يخلو أكثرُها عن قوةِ (١) كثيرٍ من المرشدين المحققين؛ وإن حال بينهم وبين إبرازها إلى الفعل حجاب. فلنتكلم الآن على ما ينبغي لطالب العلم أن يتعلَّمه من العلوم.

[طَبقاتُ طَلَبةِ العلم]:

فأقول: إنها لمَّا كانت تتفاوتُ المطالبُ في هذا الشأن، وتتبايَنُ (٢) المقاصدُ بتفاوتِ هِمم الطالبين وأغراضِ القاصدين:

١ - فقد ترتفع هِمةُ البعض منهم، فيَقصِدُ البلوغَ إلى مرتبةٍ في الطلب لعلم الشرع مقدِّمًا لها، يكونُ عند تحصيلها إمامًا مرجوعًا إليه، مستفادًا منه، مأخوذًا بقوله، مدرِّسًا، مفتيًا، مصنِّفًا.

٢ - وقد تَقصُرُ هِمتُه عن هذه الغاية؛ فتكون غايةُ مقصده، ومعظمُ مَطلَبه،


(١) القوَّة: الفكر والتصوُّر. (٢) تتباين: تختلف.

<<  <   >  >>