للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليهم سبُّ مَنْ عداهم، ولا جرم؛ فكلُّ شديدِ ذنبٍ يَهُونُ ما دونه، وقد يقعُ بعضُ شياطينهم في عليٍّ كرَّم اللَّه وجهه (١) حَرْدًا (٢) عليه وغضبًا له؛ حيث تَرك حقه؛ بل قد يبلغُ بعضُ ملاعينهم إلى ثَلبِ العِرض الشريف النبويِّ صانه اللَّه قائلًا: «إنه كان عليه الإيضاحُ للناس، وكشفُ أمر الخلافة، ومَن الأقدمُ فيها والأحقُّ بها».

وأما تسرُّعُ هذه الطائفةِ إلى الكذب، وإقدامُهم عليه، والتهاوُنُ بأمره، فقد بَلَغ مِنْ سَلَفهم وخَلَفهم إلى حدِّ الكذبِ على اللَّهِ وعلى رسولِه وعلى كتابِه وعلى صالِحِي أُمَّتِه، ووقع منهم في ذلك ما يَقشعرُّ له الجِلد، وناهيك بقومٍ بَلغ الخِذلانُ بغُلاتِهم إلى إنكارِ بعضِ كتاب اللَّه، وتحريفِ البعضِ الآخر، وإنكارِ سُنةِ رسول اللَّه !! وجاوز ذلك جماعةٌ من زنادقتهم إلى اعتقاد الألوهية في ملوكهم، بل في شيوخ بلدانِهم!.

[أصلُ الرفض إلحادٌ وزندقة]:

ولا غَرْوَ (٣)؛ فأصلُ هذا المَظهَرِ الرافضيِّ مَظهرُ إلحادٍ وزندقة (٤)، جَعله


(١) تخصيص عليٍّ بهذا الوصف لم يُعلم عن الصحابة الكرام الذين هم ميزان الأعمال، بل صار من شعار الرافضة قاتلهم اللَّه، ولذا؛ لا يجوز هذا الإطلاق على عليٍّ دون غيره من الصحابة ، وانظر ما قاله العلَّامة بكر أبو زيد في «معجم المناهي اللفظية» (٣٥٠ - ٤٥٤).
(٢) الحَرْد: الغيظ والحنق.
(٣) ولا غَرْو: ولا عَجَب.
(٤) الزندقة: الإلحاد والكفر. والزِّنديق: الذي لا يؤمن بالآخرة، ولا بوحدانية الخالق . وقيل: هو الذي لا يؤمنُ بشريعة. وكلمة «زنديق» ليست من كلام العرب أصلًا، بل يقولون عنه: «مُلحِد». انظر: «إتحاف السادة المتقين»، للعلامة الزَّبيدي (٢/ ٤٩). ومن معاني الزنديق أيضًا: الذي يُبطنُ الكفر، ويُظهر الإيمان؛ وعلى ذلك فهو مرادفٌ لل «منافق». وأصلها الفارسي: «زن دين» أو «زنده كرد». انظر: «موقف المتكلمين من الاستدلال بنصوص الكتاب والسُّنة» (١/ ٨٠)، للشيخ سليمان بن صالح الغصن، و «منهج ابن تيمية في مسألة التكفير»، للشيخ عبد المجيد المشعبي (١/ ٢٨)، و «الماتريدية»، للشمس الأفغاني (٢/ ٤٢١)، ومن اللطائف ما ورد عن سهل التُّسْتري قال: «إنما سمِّي الزنديق زنديقًا؛ لأنه وَزَنَ دِقَّ الكلامِ بمخبول عقله وقياس هوى طبعه، وترك الأثر والاقتداء بالسنة، وتأول القرآن بالهوى؛ فسبحان مَنْ لا تكيِّفُه الأوهام». «سير أعلام النبلاء» (١٣/ ٣٣٢).

<<  <   >  >>