للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ردٌّ» (١).

فإن كلَّ فردٍ من أفراد هذه العبارات وأمثالها صالحٌ لجعله قضيةً كبرى للشكلِ الأول؛ فلا يبقى فردٌ من الأفراد إلَّا وأمكنَ إدراجُه تحت هذه الكلية باجتلاب قضيةٍ صغرى سهلةِ الحصول؛ تقول مثلًا: «هذا أمرٌ ليس عليه أمرُ النبي ، وكلُّ أمرٍ ليس عليه أمره ردٌّ؛ فهذا ردٌّ»؛ فلا يبقى فعلٌ ولا قولٌ ولا اعتقادٌ لم يأتِ به الشرع، إلا وأمكن الاستدلالُ على ردِّه بِهذا الحديث الصحيح؛ وهكذا العملُ في سائر الكليات.

والمتحلِّي بالمعارف العلمية يستغني بمجردِ الإشارةِ والإيقاظ؛ لأن الموادَّ قد حَصَلت له بما حصَّله من العلوم، ومارَسه من المعارف، فربما يغفُلُ عن إخراج ما في القُوةِ إلى الفعل، فإذا نُبِّه على ذلك تَنبَّه، وكان العملُ عليه سهلًا والانتفاعُ بالعلوم يسيرًا.

[لزومُ العملِ بالظاهر ما لم تَدُلَّ قرينةٌ على خلافه]:

ومِن جُملةِ ما ينبغي له تصوُّرُه ويُعِينُه استحضاره: أن يَعلمَ أنَّ هذه الشريعةَ المباركةَ هي ما اشتَمل عليه الكتابُ والسُّنةُ من الأوامرِ والنواهي، والترغيباتِ والتنفيرات، وسائرِ ما له مدخلٌ في التكليف؛ مِنْ غير قصدٍ إلى التعمية والإلغاز (٢)، ولا إرادةٍ لغير ما يفيدُه الظاهرُ ويدلُّ عليه التركيب، ويَفهمُه أهلُ اللسان العربي؛ فمن زعم أن حرفًا من حروف الكتابِ والسُّنةِ لا يُراد به


(١) صحيح: رواه أحمد (٦/ ١٤٦)، والبخاري (٢٦٩٧)، ومسلم (١٧١٨)، وأبو داود (٤٦٠٦)، وابن ماجه (١٤).
(٢) الإلغاز: الغموض وإحداث اللبس.

<<  <   >  >>