للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعنى الحقيقيُّ والمدلولُ الواضح، فقد زَعم على اللَّه ورسولِه زعمًا يخالفُ اللفظَ الذي جاءنا عنهما.

فإن كان ذلك (١) لمسوِّغٍ شرعيٍّ، تتوقفُ عليه الصحةُ الشرعية، أو العقلية التي يتفقُ العقلاء عليها لا مجردُ ما يدَّعيه أهلُ المذاهبِ والنِّحَلِ على العقل مطابقًا لما قد حبَّبه إليهم التعصُّبُ، فأدناه من عقولهم البُعدُ عن الإنصاف، فلا بأس بذلك، وإلَّا؛ فدعوى التجوُّز (٢) مردودةٌ، مضروبٌ بها في وجهِ صاحبها.

فاحرِصْ على هذا؛ فإنه وإن وقع الاتفاقُ على أصالةِ المعنى الحقيقي، وعدمِ جوازِ الانتقال عنه إلَّا لعلاقةٍ وقرينة كما صُرِّح به في الأصول وغيرها، فالعملُ في كتب التفسيرِ والحديثِ والفقهِ يخالفُ هذا لمن تدبَّره وأعمَلَ فكره، ولم يغترَّ بالظواهر، ولا جَمَدَ على قبول ما يقالُ مِنْ دون بحثٍ عن موارده ومصادره.

وكثيرًا ما يجدُ [المنصِفُ] المتعصِّبين يُحامون عن مذاهبهم، ويؤثرونها على نصوص الكتاب والسنة، فإذا جاءهم نصٌّ لا يَجِدون عنه متحوَّلًا (٣)، وأعياهم (٤) ردُّه، وأعجزهم دفعُه؛ ادَّعَوا أنه مجاز، وذكروا للتجوُّزِ علاقةً هي من البعدِ بمكانٍ، وقرينةً ليس لها في ذلك المَقام وجود، ولا تدْعو إليها حاجة! وأعانهم على هذه الترَّهات (٥) استكثارُهم من تعدادِ أنواع القرائن والعلاقات، حتى جعلوا مِنْ جُملةِ ما هو من العلاقات المسوِّغة للتجوز


(١) أي: الانتقال عن الظاهر.
(٢) التجوُّز: الحكم بالمجاز.
(٣) المتحوَّل: المخرج.
(٤) أعياهم: أعجزهم. (٥) التُّرهات: الأباطيل.

<<  <   >  >>