للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما يُلقِيهِ إليهم المقلِّدةُ من الكلمات التي تُثيرُ غضبَهم، وتستطير حَمِيَّتَهم، كقولهم: «هذا الرجل يخالفُ إمامكم، ويدعو الناس إلى الخروج من مذهبه، ويُزري عليه، ويقول: إنه جاء بغير الحق، وخالَف الشرع»! فإنهم عند سماع هذا مع ما قد رَسَخ في عقائدهم، وثبت في عقولهم لا يُبالون أيَّ دمٍ سفكوا، وأيَّ عِرض انتهكوا، يَعلمُ هذا كلُّ مَنْ له خبرةٌ بهم وممارسةٌ لهم؟!.

قلت: هذا السؤالُ الذي أوردته أيها الطالبُ للحق، الراغبُ في الإنصاف قد أفادنا أنك لم تَفهم ما قدَّمتُه لك في هذا الكتاب حقَّ الفهم، ولم تتصوَّرْه كليةَ التصور؛ فقد كررتُ لك في مواضعَ منه ما تستفيدُ منه جوابَ ما أوردتَه هنا؛ فعاوِدِ النظر، وكرِّر التدبُّر، وأطِلِ الفِكر، بعد أن تبالغَ في تصفيةِ الفطرة، وتستكثرَ من الاستعدادِ للقبول.

وهَبْ أنه لم يَتقدَّم ما يَصلحُ أن يكون جوابًا لِما خَطَر ببالك الآن من هذا السؤال، فها أنا أُجيب عليك بجوابين؛ الأول جوابٌ مجمَل، والآخر جوابٌ مفصَّل.

• أمَّا الجوابُ الْمُجمَل:

فأقول لك بعد التسليم: جميعُ ما أوردتَه في سؤالك هذا؛ مِنْ أن حاملَ العلم ومبلِّغَ الحُجةِ سيُحال بينه وبين ما يريده بأول كلمةٍ تخرجُ منه فيها مخالفةٌ لِما أَلِفه الناس، ولا يَقدِرُ بعدها على شيءٍ من الهداية إلى الحق، والإرشادِ إلى الإنصاف لِمَا قدَّرتَه من أنها ستقومُ عليه القيامة، وتأزَفُ عليه الآزفة (١)، وتَضيقُ عنه دائرةُ الحق، وتنبُو عنه (٢) جميعُ المسامع، وتؤخَذُ عليه


(١) الآزفة: القيامة أيضًا.
(٢) تنبو عنه: تبتعد.

<<  <   >  >>