للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَحْدِه!!.

[أفعالُ عوامِّ الرافضة وغَوْغائهم]:

فلما (١) تكاثَرَ ما يصدُرُ من أولئك المشتغِلين بما لا يَعنيهم من ثَلبِ السلف؛ مع ما يَنضَمُّ إلى ذلك مِنْ إدخال الضغائن في قلوب العامة، وإيهامِهم أن الناسَ قد تركوا مذهبَ أهل البيت، وفعلوا وفعلوا؛ وكل ذلك كذبٌ؛ فإن الناسَ هم في هذه الديار زَيدية، وكثيرٌ منهم يجاوزُ ذلك فيصيرُ رافضيًّا جَلْدًا، ولم يكن في هذه الديار على خلافِ ذلك إلا الشاذُّ النادر، وهم أكابرُ العلماء ومن يُقتدى بهم، فإنهم يعملون بمقتضى الدليل، ولا ينتمُون إلى مَذهب، ولا يتعصَّبون لأحد؛ فهؤلاء هم الذين يَقصِدُهم أولئك الرافضةُ بكل فاقرة، ويرمونَهم بالحَجَر والمَدَر، ويَسِمُونهم بمِيسَمِ (٢) النَّصْب.

فلما تفاقَمَ شرُّ أولئك المدرسِّين، وصار الجامعُ ملعبًا لا متعبَّدًا، واشتَغل بأصواتِهم المُصلُّون عن صلاتهم، والذاكرون عن ذِكرهم، رَجَّح إمامُ العصر (٣) أعزَّ اللَّهُ به الدين مَنْعَ صاحبِ الكرسيِّ من الإملاء في الجامع، وأَمره بالعَود إلى المسجد الذي كان يُملِى فيه، فحضر أولئك المستمِعون على عادتهم وكان الإملاءُ قبل صلاة العشاء، فلما لم يحضُر شيخُهم، ذهب بعضُهم ليجئَ به من بيته، فأخبَرهم أن الإمامَ قد منعه، وأمره بالعَوْدِ إلى حيث كان، فلم يَعذِروه، ولا سَمِعوا منه، ورجعوا إلى الجامع، ثم ثارُوا ثورةً شيطانيةً، وقاموا قَومةً طاغوتية، فمَنعوا من الصلاة في الجامع،


(١) جواب «لما» سيأتي بعد الفقرة كلها عند قوله: فلما تفاقم شر أولئك … إلخ.
(٢) المِيسم: العلامة.
(٣) يقصد عليَّ المنصور باللَّهِ بن العباس.

<<  <   >  >>