للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما زال ينضمُّ إليهم كلُّ رافضيٍّ ومَن له رغبةٌ في إثارةِ الفتنة، حتى صاروا جَمعًا كثيرًا، ثم خَرجوا، فقَصَدوا بيتَ المؤذِّن الذي أَظهر عليهم الرأيَ الإماميَّ فرجَمُوه، حتى كادوا يَهدمونه، وفيه نساءٌ وأطفالٌ قد صاروا في أمرٍ مَريع.

هذا؛ وليس لذلك المؤذِّنِ المسكينِ سعيٌ، ولا له قدرةٌ على شيءٍ، ولكنه أَرسَلَ بالرأي الإماميِّ والي الأوقافِ إليه (١)، ووالي الوقفِ أيضًا ليس له سعيٌ في ذلك، ولكنه أرسله إليه بعضُ مَنْ يتصلُ بالمَقام الإمامي.

ثم لمَّا فرغوا مِنْ رَجْم بيتِ المؤذِّن، ذهبوا ولهم صُراخٌ عظيمٌ وأصواتٌ شديدةٌ إلى بيت والي الأوقاف، وهو رجلٌ من أهل العلم من آل رسول اللَّه ، فرجَموا بيتَه رجْمًا شديدًا، حتى غُشيَ على بعض مَنْ فيه مِنْ الشرائف، فقال لهم قائل: «إن هؤلاء الشرائفَ المرجوماتِ هنَّ بناتُ نبيِّكم وبناتُ عليِّ بن أبى طالب، ولم يكنَّ بناتِ معاوية، ولا بناتِ عمرو بن العاص وغيرهما ممن تعادونَهم؛ فما لكم ولهنَّ؟»، فلم يلتفتوا إلى ذلك، واستمرُّوا في الرجم، ثم دخلوا إلى بعض البيت، ونَهبوا بعض متاعه.

وبَلَغهم أن واليَ الأوقافِ وولدَه بمسجدٍ قريبٍ من بيتِه، فحاصُوا (٢) حَيصةَ حُمُرِ الوحْش، وصرخوا صرخةَ الحُمُر الأهلية، وذهبوا إلى المسجد عازِمين على قتله، فأَغلق عليه بعضُ الناس مقصورةَ المسجد، فسَلِم.

ثم ذهبوا بصُراخهم وجَلَبَتِهم إلى بيتِ بعض أهل العلمِ من أهل البيتِ النبويِّ، وكان يعظُ الناس بالجامع، ويتظهَّرُ ببعضٍ من السُّنة، فرجَموا بيتَه


(١) أي: والي الأوقاف هو الذي أرسل إليه أمر إمام العصر أن يمنع الرافضي من التدريس.
(٢) حاصوا: نفروا.

<<  <   >  >>