للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البزَّاز (١)»، وفيه مقال (٢).

وأما مَنْ كان أهلًا للعلم، وفي مكانٍ من الشرف، فإنه يزدادُ بالعلم شرفًا إلى شرفه، ويكتسبُ به من حُسنِ السمت، وجميلِ التواضع، ورائقِ الوقار، وبديعِ الأخلاق: ما يزيدُ عِلمَه عُلوًّا، وعرفانَه تعظيمًا؛ فيتخلق بأخلاق الأنبياء ومَن يمشي على طريقهم من عامِلِي العلماء وصالحي الأمة، ويَعرفُ للعلم حقَّه، ويُعظِّمُه بما ينبغي من تعظيمه، فلا يكدِّرُه بالمطامع، ولا يشوبُه بالخضوع لأهل الدنيا، ولا يُجهِّمُه (٣) بالتوصل به إلى ما في يد الأغنياء، فيكونُ عندهم مخدومًا لا خادمًا، ومقصودًا لا قاصدًا.

[مَنْ يطلبُون العلمَ للدنيا]:

وبين هاتين الطائفتين طائفةٌ ثالثةٌ ليست من هؤلاء، ولا من هؤلاء، جَعلوا العلم مكسبًا من مكاسب الدنيا، ومعيشةً من معايشِ أهله، لا غرضَ لهم فيه إلا إدراكَ منصبٍ من مناصب أسلافهم، ونيلَ رئاسةٍ من الرئاسات التي كانت لهم؛ كما نشاهدُه في غالب البيوت المعمورة بالقضاء أو الإفتاء أو الخطابة أو الكتابة، أو ما هو شبيهٌ بِهذه الأمور، فإنَّ مَنْ كان طالبًا للوصول إلى شيءٍ من هذه الأمور، ذهب إلى مدارسِ العلم يتعلمُ ما يتأهَّلُ به لما يطلبه، وهو لا يتصوَّرُ البلوغَ إلى الثمرة المستفادةِ من العلمِ والغايةِ الحاصلة لطالبه؛ فيكون ذهنُه كليلًا، وفهمُه عليلًا، ونفسُه خائرة (٤)، ونيَّتُه خاسرة؛ بل غايةُ تصوُّرِه


(١) وهو من المتروكين.
(٢) ضعيف: رواه ابن ماجه (٢٢٤)، وضعَّفه الإمام البوصيري، والشيخ الألباني، والشيخ شعيب الأرنؤوط. وجُملة: «طلبُ العلم فريضةٌ على كل مسلم» صحيحةٌ بشواهدها.
(٣) يُجهِّمه: يظلمه.
(٤) خائرة: ضعيفة هابطة.

<<  <   >  >>