للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عندهم، ولم يَعُدُّوه من أهل العلم في وِرْدٍ ولا صَدَر، وألحقوه بالطبقةِ التي حَمَلتْه على ذلك الصُّنع الذي صَنَعه لهم، وأخْمَلوا ذِكرَه في مصنفاتِهم التي هي المصنَّفات المعتبَرة.

وبالجملة: فما صَنع هذا المصنِّفُ لنفسه بذلك التصنيف إلَّا ما هو خزيٌ له في الدنيا والآخرة، ووبالٌ عليه في الآجِلة والعاجلة.

[من أشدِّ مسالكِ علماء السوءِ قباحةً]:

وقد يَسلُكُ بعضُ هؤلاء مَسْلكًا هو أحسن (١) من ذلك المسلك؛ وذلك بأن يُورد الأقوال، ويحتجَّ لكل واحدٍ منها بما احتجَّ به قائلُه، ويستكثرَ من إيراد أدلةِ ما هو الحقُّ منها، ويُخرجَه مِنْ مَخارجه المقبولة، ثم يَذكُر ما قيل من ضعفِ دليل ما قال به مَنْ يعتقدُه أهلُ عصره وقُطره، وينسب ذلك التضعيفَ إلى مَنْ يُعتدُّ به مِنْ أهل العلم، ثم يعترضُ ذلك التضعيفَ باعتراضٍ يَعرف مَنْ هو مِنْ أهل العلم والإتقان سُقوطَه وبطلانَه؛ ركونًا منه على أن ذلك لا يَخفَى على مَنْ له قدمٌ في العلم، وزعمًا أنه قد رَمَز لهم إلى ما هو الحقُّ بإيرادِ دليله الصحيح، وإلى ما يخالفُه بإيرادِ دليلِه الضعيف، وأنه لم يأتِ بما أتى به من الاعتراض الساقطِ والتقويةِ للقول الفاسدِ إلَّا على وجهٍ لا يَخفى على أهل الإتقان، ولا يلتبس عند العارفين، وهو في زعمه قد أرضى الخاصةَ والعامة، وسَلك مسلكًا في غايةِ التحذلقِ ونهايةِ التبصر! وهو لا يشعُر بأن الخاصةَ من أهل التحقيق في غِنًى عن رمزه وهَمْزه وتحذلُقه؛ فإنهم يَعرفون مسالك الحقِّ بدونِ ما زعَمَه، ويأخذون الصوابَ من معادنه،


(١) في بعض المطبوعات: «أخس».

<<  <   >  >>