للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكتاب والسُّنة، فكنتُ إذا عَرَضتْ مسألةٌ من مسائله مبنيةٌ على غير أساس؛ رجعتُ إلى ما يدفعُها من علم الشرع، ويدمغُ زائفها (١) من أنوار الكتاب والسنة، ولكنى كنتُ أُقدِّرُ في نفسي أنه لو لم يكن لديَّ إلا تلك القواعدُ والمقالات، فلا أجدُ حينئذٍ إلا حيرةً، ولا أمشي إلا في ظُلمة، ثم إذا ضربتُ بها وجهَ قائلها، ودخلت إلى تلك المسائل مِنْ الباب الذي أَمر اللَّهُ بالدخول منه، كنتُ حينئذٍ في راحةٍ من تلك الحيرة، وفي دَعَةٍ من تلك الخُزعبلات، والحمدُ للَّهِ رب العالمين عَدَدَ ما حَمِدَه الحامدون بكل لسانٍ في كل زمان.

[علم التفسير]:

ثم بعد إحرازِ هذه العلوم، يشتغلُ بعلم التفسير، فيأخذُ عن الشيوخ ما يحتاج مثلُه إلى الأخذ ك «الكشاف» (٢)، ويُكبُّ على كتب التفسير على اختلافِ أنواعها، وتبايُنِ مقاديرها، ويعتمدُ في تفسير كلام اللَّه سبحانه ما ثبت عن رسول اللَّه ، ثم عن الصحابة؛ فإنهم مع كونِهم أعلمَ من غيرهم بمقاصدِ الشارع، هم أيضًا من أهلِ اللسان العربي؛ فما وجده من تفاسير رسول اللَّه في الكتب المعتبرة كالأمهات وما يلتحق بها قدَّمه على غيره؛ بل يتعيَّنُ عليه الأخذُ به، ولا يحلُّ له مخالفتُه، وأجْمعُ مؤلَّفٍ في ذلك وأنفعُه وأكثرهُ فائدة: «الدر المنثور» للسيوطي.

وما ذكرنا مِنْ تقديم ما وَرد عن الصحابة مقيَّدٌ بما إذا لم يخالِف ما يُعلم من لغةِ العرب، ولم تكن تلك المخالفةُ لأجل معنًى شرعيٍّ؛ فإن كانت لمعنًى شرعيٍّ فقد تقرر أن الحقائق الشرعية مقدَّمةٌ على اللغوية.


(١) يدمغها: يمحقها.
(٢) سبق الكلام عليه قريبًا.

<<  <   >  >>