للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما العالِمُ الذي لا يعرفُ ما يقولون، فغايةُ ما يجرى بينه وبينهم خصامٌ وسِبابٌ ومشاتمة، هو يَرميهم بالاشتغال بالعلوم الكُفرية، ولا يدري ما هي تلك العلوم؛ وهم يرمُونه بالبلادة، وعدمِ الفهم، والجهلِ بعلم العقل (١)، ولا يدْرُون ما لديه من علم الشرع.

[الْمُتعالِمون وآثارُهم الْمُرَّةُ على العلمِ وأهلِه]:

ولقد أهدَت لنا هذه الأيامُ ما لم يكن لنا في حساب؛ من زعانفَ (٢) هم سَقَطُ المَتاع (٣)، وفُقْعةُ القاع (٤)، وأبناء الرَّعاع (٥)، لابَسوا طلبةَ العلم بعض الملابسة، وشاركوهم بجامع الخِلطة والعِشرة في مثل النظر في مختصراتِ النحو؛ حتى صاروا ممن يتمكَّنُ من إعراب أواخِرِ الكلم، ثم طاحت بهم الطوايح (٦)، ورمت بهم الروامي إلى مطالعة «تجريد الطوسي» (٧) وبعض شروحه، وفهموا بعضَ مباحثه، فظنوا أنهم قد ظفِروا بما لم يظفر به أرسطاطاليس ولا جالينوس؛ دع مثل الكِندي والفارابي وابن سينا (٨)؛ فإنهم عندهم في عِداد المقصرين! وأما الرازي وطبقتُه، فليسوا من أهل العلم


(١) أي: العلوم العقلية.
(٢) الزعانف: الذيول القصيرة.
(٣) سَقَط المتاع: ما يَسقط منَ المتاع ولا يُبالَى به لحقارته.
(٤) فُقعة القاع: قال المبرد : «يقال لمن لا أصل له: هو فُقعةٌ بقاع، وذلك لأن الفُقعة لا عروقَ لها ولا أغصان، والفقعة: الكمأة البيضاء». «الكامل في اللغة والأدب» (١/ ٢٣٢).
(٥) الرَّعاع: السفلة.
(٦) الطوايح: الانحرافات الجامحة.
(٧) هو كتاب: «تجريد العقائد»، ويعرف ب «تجريد الكلام»، لنصير الدين الطُّوسي الرافضي الخبيث الذي كان من المقرَّبين إلى هولاكو.
(٨) انظر عن الأخيرين كتاب: «وا محمداه»، للشيخ سيد العفَّاني.

<<  <   >  >>